فى الوقت التى تحتاج فيه مصر لكل قرش للنهوض بالتعليم وتطوير الخدمات الصحية المختلفة، وإكمال المشروعات المتوقفة، لم يتطرق أحد المسئولين إلى ضرورة محاسبة الشركات التكنولوجية متعددة الجنسيات مثل جوجل وفيس بوك التى يعتمد المصريين على خدماتها وتحقق أرباحا طائلة تقدر بالمليارات فى مصر دون دفع مليم واحد للضرائب، إذ تستعين هذه الشركات بالثغرات القانونية التى تمكنها من الربح فقط دون دفع الأموال المستحقة عليها للضرائب، ولا تقوم بهذا الشىء فقط فى مصر بل فى أغلب دول العالم.
تتهرب هذه الشركات من الضرائب بإبقاء مقراتها فى ايرلندا التى لا تجبر الشركات المختلفة إلا على دفع أموال بسيطة مقارنة بما تحققه من أرباح طائلة، لكن حققت بريطانيا أخيرا نصرا تاريخيا يحسب لها بعد مناقشة الأمر مع جوجل وإجبارها على دفع ما يصل إلى 130 مليون جنيه استرلينى أى أكثر من مليار و454 مليون جنيها مصريا، وهو الرقم الذى يكفى لإنشاء الكثير من المشروعات فى مصر والمساهمة فى حل الكثير من الأزمات، لكن رغم ضخامة الصفقة إلا إنها لم تحظى بالترحاب من قبل الكثير من الجهات البريطانية، إذ هاجم حزب العمال الحكومة بسبب هذه التسوية التى يعتبرها مثيرة للسخرية، خاصة إذ تم مقارنتها بالأرباح التى تحققها جوجل من الشعب البريطانى، إذ أظهرت البيانات الأخيرة التى ظهرت بسبب رفع القضية الجارية بين جوجل وأوراكل، أن عملاق البحث يربح نحو 22 مليار دولار من وراء نظام اندرويد فقط، بالإضافة إلى تحقيق الشركة أرباح وصلت إلى نحو 4.45 مليار دولار خلال الربع الأول من عام 2015، كما يتوقع الخبراء وصول أرباح الشركة لذروتها وسحب "ألفابت"الشركة الأم لقب الأعلى قيمة فى العالم من شركة أبل بعد تجاوز قيمة أسهمها 500 مليار دولار.
وعلى عكس المتوقع لم يرفع المسئولين شعار "احمدوا ربنا" ولم يطالبوا الشعب والأحزاب المختلفة بضرورة الامتنان وشكرهم على استرداد حق بريطانيا المهدر منذ عام 2005، بل اعترفوا بالثغرات الموجودة بالقوانين البريطانية وطالبوا بإصلاحها، إذ خرج علينا أمس "بوريس جوناسون" عمدة لندن بتصريحات يطالب من خلالها بعدم لوم الشركات التكنولوجية المختلفة بل بإصلاح الأخطاء التى تحمى مثل هذه الشركات وتساعدها على النفاد دون حساب.