اختتمت اليابان سنة 2016 بتسجيل نمو لأربعة فصول متتالية، وهو أمر غير مسبوق، لكن وتيرة النمو تباطأت خلال السنة، والآفاق ليست واضحة تماما فى عالم يشهد صعودا للنزعة الحمائية.
وكشفت أرقام أعلنتها الحكومة الاثنين، أن إجمالى الناتج الداخلى لليابان سجل بين أكتوبر وديسمبر الماضيين ارتفاعا نسبته 0,2 % عن الفصل السابق (يوليو-سبتمبر)، وجاءت هذه الأرقام أدنى بقليل من تقديرات المحللين الذين استطلعت وكالة الأنباء المالية "بلومبرج" آراءهم. كما أن نسبة النمو أقل من تلك التى سجلت فى الفصول الثلاثة الأولى: 0,6 % بين يناير - مارس، و0,4 % من أبريل إلى يونيو، و0,3 % من يوليو إلى سبتمبر.
وسجل ثالث اقتصاد فى العالم لمجمل 2016 نسبة نمو بلغت 1% (بعد 1,2 % فى 2015)، مستفيدا من زيادة الصادرات خصوصا فى نهاية العام، بفضل تحسن فى آسيا، وفى الفصل الرابع، ساهمت التجارة الخارجية ب0,2 % من إجمالى الناتج الداخلي، وبقى استهلاك العائلات فى حالة ركود، مؤكدا تردد اليابانيين فى الإنفاق خوفا على المستقبل، لكن النشاط الاقتصادى سجل تحسنا مع زيادة استثمار الشركات (+0,9 %) فى ضوء تراجع سعر الين، وهو مكسب للمجموعات اليابانية المصدرة.
وقبل الإعلان عن الأرقام، قال الخبير الاقتصادى فى مجموعة "ميزوهو سيكيوريتيز" تورو سوهيرو، إن "الشركات اليابانية ستبقى حذرة على الأرجح بسبب صعود الحمائية فى العالم"، وسمح التفاهم المعلن فى عطلة نهاية الأسبوع بين رئيس الوزراء اليابانى شينزو آبى والرئيس الأمريكى دونالد ترامب، الذى أعقبته لعبة جولف فى فلوريدا، بتهدئة قلق عالم الأعمال اليابانى حاليا، لكن شكوكا ما زالت قائمة على الأمد الطويل بشأن العلاقات التجارية بين البلدين.
- عودة إلى الواقع
لم تطرح القضايا المختلف عليها بين ترامب وآبى، لا سيما مسألة العملات. لكن تورو ساساكى من مجموعة "جى بى مورجن" حذر من أن اليابان يمكن أن تواجه مشاكل. وقال إن "اليابان ستدرك قريبا أن الأسبوع الهادىء فى فلوريدا انتهى وستعود إلى الواقع بسرعة".
وقال كوهى أيواهارا من مجموعة "ناتيكسيس جابان سكيوريتيز" ردا على سؤال لوكالة فرانس برس "إنّه أول لقاء بين ترامب وآبى منذ تنصيب الرئيس الأمريكى"، مضيفا أن "اليابان حرصت على عدم تخريب علاقاتها مع حليفتها المهمة، لكن لن أفاجأ إذا صعدت الولايات المتحدة لهجتها مجددا".
ويجمع المحللون على أن النمو فى 2017 لن يكون كبيرا. وقال ايواهارا إن "المسألة تتعلق بمعرفة ما إذا كان الزخم الحالى للصادرات سيتواصل"، أما الطلب الداخلى فلم ينتعش بعد أكثر من أربع سنوات على بدء استراتيجية آبى التى تجمع بين تخصيص ميزانيات كبيرة وسياسة نقدية بالغة التساهل ووعد بإصلاحات بنيوية، وما زالت زيادة الأجور والمكافآت غير كافية فى سوق عمل يعمل بسرعتين، ومقسوم بين الوظائف الهشة ووظائف بدوام كامل، وهى مشكلة يشير إليها صندوق النقد الدولى بانتظام.
وأكد كبير اقتصاديى مجموعة "ميريل لينش جابان سيكيوريتيز" ايزومى دوفالييه لوكالة بلومبرج، "إنه طالما لم يتحرك استهلاك العائلات، فمن الصعب توقع تسارع للنمو"، ومن جهة أخرى، يمكن أن يؤثر تراجع سعر الين وزيادة أسعار النفط على القدرة الشرائية لليابانيين، حسب ايواهارا.
وقال إن الاستثمارات الحكومية التى تنفذ فى إطار خطة الإنعاش الكبيرة التى أعلنت الصيف الماضى ستنقذ فى 2017 حكومة آبى المصممة على عدم السماح بموت خطة رئيس الوزراء المعروفة باسم "ابينوميكس".