شيد بيرى جيمس صندوقه الاستثمارى البالغة قيمته أربعة مليارات دولار عن طريق دراسة ميزانيات الشركات ونتائج الأعمال وحصص السوق، لكنه أدرك فى الأسابيع القليلة الماضية أن عليه أن يتفقد عاملا جديدا فى السوق: الرئيس الأمريكى دونالد ترامب.
يقول جيمس الذى يدير صندوق جيمس جولدن رينبو المتوازن إن أسلوب ترامب الرئاسى الذى يصعب التنبؤ به ورغبته المعلنة فى إعادة التفاوض على اتفاقات التجارة ومعاقبة الشركات التى تبحث عن صور من العمالة منخفضة التكلفة يقوضان النظرة التقليدية للاستثمار الأساسي.
وأضاف أنه نتيجة لذلك تقوم شركته فى أوهايو بتوسيع نطاق الأبحاث التى تتابعها. كما ينقل جيمس مزيدا من أمواله إلى السندات ويتأهب لتراجع كبير فى سوق الأسهم الأمريكية بعد أشهر قليلة فحسب من القيام برهان كبير على الأسهم بعد يوم من الانتخابات الرئاسية التى جرت فى الثامن من نوفمبر تشرين الثاني.
وقال "نحن سريعو التأثر بالصدمات.. ولدينا جهاز صدمات فى البيت الأبيض"، وفى ظل ارتفاع الأسهم الأمريكية إلى مستويات قياسية فإن المستثمرين الآخرين الذين ظلوا طويلا غير عابئين بالاتجاهات العامة الكلية يولون مزيدا من الاهتمام أيضا بأثر السياسة على أسعار الأصول وبأن التقييم السوقى المرتفع يمهد لتراجع حاد، ولا يقتصر تركيز مديرى الصناديق على اسم الشركة التى سيذكرها ترامب فى أحدث تغريداته. ويقولون إنهم قلقون أيضا من أنه قد يزيد التوترات العالمية ويرفع رسوم التجارة فى أنحاء العالم مما قد يضر بالشركات الكبيرة والصغير على حد سواء.
وحتى الآن صبت المقترحات السياسية لترامب فى صالح سوق الأسهم الأمريكية. فالأسواق تأخذ فى حساب الأسعار خفض ضرائب الشركات وميزانية إنفاق على البنية التحتية، ما رفع المؤشر القياسى ستاندرد اند بورز 500 نحو تسعة بالمئة منذ يوم الانتخابات،ونسبة السعر إلى الأرباح فى السوق حاليا 20.9 وهو سقف النطاق التاريخى للسوق، لكن مديرى الصناديق يقولون إنهم يتوقعون تنامى انكشاف السوق على المخاطر السياسية مع قيام الإدارة الجديدة باستهداف سياسات التجارة والهجرة مما قد يغير ميزان الاقتصاد العالمي.
فى غضون ذلك قد تفضى استحقاقات انتخابية مهمة مقررة فى وقت لاحق هذا العام فى فرنسا وألمانيا إلى إضعاف الاتحاد الأوروبى أكثر وهو مبعث خطر يقول مديرو الصناديق إن الأسواق العالمية لا تأخذه تماما فى الحسبان.
وقال لويل يورا مدير المحفظة فى بي.ام.أو جلوبال لإدارة الأصول "نلحظ إجهادا فى السوق على صعيد التفاعل مع الأوضاع السياسية وهو ما قد يكون له من الناحية التاريخية أثر بالغ التدمير."
يستعين بعض مديرى الصناديق الآن بخبراء المخاطر السياسية الذين ربما تجاهلوهم من قبل أو يوسعون شبكات مستشاريهم لمعرفة تداعيات سياسات ترامب على السوق الأمريكية والخارج.
وتعلن شركات المخاطر السياسية عن زيادة كبيرة فى النشاط منذ يوم الانتخابات. وقالت بيزنس انفايرونمنت ريسك انتليجنس الاستشارية إن استفسارات المستثمرين زادت أكثر من 50 بالمئة منذ نوفمبر تشرين الثانى وهى تنصح العملاء بألا يركنوا إلى مشاعر الرضا عن النفس رغم صعود السوق.
وقال شاروخان خطيب أوغلو المدير التنفيذى للشركة "لا يتطلب الأمر سوى عطسة واحدة من إدارة ترامب كى تتفشى الإنفلونزا فى تلك الأسواق."
وقال إيان بريمر رئيس مجموعة أوراسيا لأبحاث المخاطر السياسية ومقرها نيويورك إن أعمال الشركة زادت زيادة كبيرة منذ انتخاب ترامب وتصويت بريطانيا لصالح الانسحاب من الاتحاد الأوروبى وفضائح الأسواق الناشئة وحملة الانتخابات الفرنسية. ودفعه هذا إلى زيادة التوظيف فى شركته التى يعمل بها 150 شخصا.
وقال "العملاء يسألون عن كل تحركات الأسعار.. فجأة أصبحوا يسألون: ‘هل ستزيد الحماية التجارية كثيرا فى العالم؟ هل ستتجزأ السوق العالمية؟‘"
و يقول مديرو الصناديق إنهم يحاولون الاستفادة من طفرة متوقعة فى التذبذبات حتى مع بقاء مؤشر حدة التقلبات الرئيسى لسوق الأسهم الأمريكية قرب أدنى مستوياته فى عامين.
وقال نيكولاس يونج المدير فى كونفنتس كابيتال "يظهر دونالد ترامب بوضوح أنه يريد خلخلة الوضع القائم لذا من المرجح أن تكون المخاطر السياسية أكبر محرك منفرد معروف قائم حاليا للتقلبات فى المستقبل."
وقال يونج إن شركته اشترت خيارات للتحوط من تراجعات السوق لذلك السبب فضلا عن "العوامل المجهولة التى تباغت الناس وتؤدى إلى طفرة سريعة فى التقلبات."
وقالت ثيرا زيرهوزن مدير الاستثمار المشارك لدى فيربوينت كابيتال فى شيكاجو إنها تقلص المراكز فى بعض الأسهم وتحتفظ بسيولة أكبر من المعتاد لأنها تتوقع تراجع السوق.
ومن بين مخاوفها أن تحركا لتخفيف القواعد فى قطاع البنوك قد يفضى إلى شيء على غرار الأزمة المالية لعامى 2008 و2009.
وقالت "أتأهب لأوقات عصيبة.. لم يحدث من قبل أن كانت السياسة مبعث قلق لى على هذا النحو."