قالت وكالة فيتش للتصنيفات الائتمانية اليوم الأربعاء، إن نمو احتياطيات النقد الأجنبى وعودة التدفقات الرأسمالية الخاصة وارتفاع قيمة العملة كلها عوامل تشير إلى تحقيق مزيد من التقدم فى استعادة ميزان المعاملات الخارجية لمصر توازنه تدريجيا فى أوائل 2017.
وقالت فيتش فى تقرير حصلت رويترز على نسخة منه إن مزيدا من ضبط الموازنة إلى جانب عودة التوازن للمعاملات الخارجية سيمهد الطريق أمام تحسن أوسع نطاقا فى مقاييس التصنيف الائتمانى السيادى فى 2018، لكنها أضافت أن "التحديات كبيرة ومن بينها خطر اندلاع اضطرابات اجتماعية."، واستمر نمو احتياطيات مصر من النقد الأجنبى حيث بلغ صافى الاحتياطات 26 مليار دولار فى نهاية يناير كانون الثانى ارتفاعا من 24 مليارا فى نهاية ديسمبر وبما يزيد أكثر من عشرة مليارات دولار عن مستواها المتدنى الذى بلغته فى يوليو تموز 2016.
وارتفع الجنيه المصرى 20 بالمئة أمام الدولار منذ أواخر ديسمبر كانون الثانى معوضا بعض الخسائر التى تكبدها عقب تحرير سعر الصرف فى نوفمبر، وتقول فيتش إن عودة التدفقات الأجنبية على الخزانة المصرية أدت لانخفاض عوائد أدوات الدين الحكومية حيث تراجع العائد على أذون الخزانة لأجل 91 يوما بنحو 200 نقطة أساس فى شهر حتى منتصف فبراير شباط وإن كانت العوائد ارتفعت فى عطاءات لاحقة بما يشير لتقلبات محتملة.
وأضافت "هذه التطورات الإيجابية تعكس إلى حد كبير (أثر) التدفقات القادمة من مؤسسات ثنائية ومتعددة الأطراف -لاسيما صندوق النقد الدولى والبنك الدولي- واستئناف تدفقات المحافظ الأجنبية والتحويلات بعدما حررت السلطات سعر صرف الجنيه إلى جانب انكماش الواردات وتحسن نشاط التصدير."
ووافق صندوق النقد الدولى على برنامج لمدة ثلاث سنوات مع مصر فى نوفمبر تشرين الثانى وأفرج عن شريحة أولى بقيمة 2.75 مليار دولار من قرض قيمته 12 مليار دولار يهدف إلى إعطاء دفعة للاقتصاد الذى تضرر بفعل سنوات من الاضطرابات أعقبت انتفاضة 2011، وتضمن الاتفاق إصلاحات اقتصادية قاسية مثل خفض عجز الميزانية وتعويم الجنيه وفرض ضريبة القيمة المضافة، ومن شأن استكمال المراجعة الأولى لبرنامج صندوق النقد قبل نهاية يونيو حزيران أن يفسح المجال أمام تقديم شريحة أخرى بقيمة 1.25 مليار دولار وهو ما تقول فيتش إنه سيعزز الاحتياطيات والثقة الاقتصادية وثقة المستثمرين.
ورجحت الوكالة الحصول على هذه الشريحة "بعد أن لبت السلطات المصرية على ما يبدو أهدافا نقدية وفرضت ضريبة القيمة المضافة فى سبتمبر أيلول وسيطرت على نمو أجور الموظفين الحكوميين إلى جانب إجراءات أخرى من بينها تعديل أسعار الوقود والكهرباء وهو ما يشير إلى أن أهداف الموازنة سيتم تحقيقها أيضا إلى حد كبير."
ورغم تحسن العملة المحلية فى الآونة الأخيرة حذرت فيتش من أن الجنيه لا يزال يقل نحو 44 بالمئة عن مستواه قبل التعويم وهو ما قد يجعل من الضرورى إجراء إصلاحات أوسع فى الدعم الحكومى فى الأمد القريب لتحقيق أهداف العجز لعام 2017، وأضافت "سيزيد ذلك من الضغوط التضخمية وستكون مسألة حساسة من الناحية السياسية وهو ما يزيد من خطر اندلاع اضطرابات اجتماعية تدفع الحكومة للتراجع عن بعض الإصلاحات."
وكانت مصر رفعت توقعاتها لعجز الموازنة خلال السنة المالية الحالية 2016-2017 إلى ما بين 10 و10.25 بالمئة من توقعات سابقة بعجز نسبته 9.8 بالمئة، وقفز التضخم الأساسى فى مصر إلى أعلى مستوياته فى أكثر من عشر سنوات مسجلا 30.86 بالمئة فى يناير كانون الثانى بينما ارتفع معدل التضخم السنوى فى المدن المصرية إلى 28.1 بالمئة.
وأشارت فيتش إلى أن قدرة الحكومة المصرية على الموازنة بين الإصلاحات المالية والنقدية والاقتصادية ومخاطر اندلاع احتجاجات شعبية يظل عاملا مهما يؤخذ فى الاعتبار فى التصنيفات السيادية، واختتمت الوكالة تقريرها بالقول "إذا استطاعت السلطات الحفاظ على التقدم الذى أحرز فى الآونة الأخيرة فإن السنة المالية المقبلة التى تبدأ فى يوليو ستشهد نموا أقوى مع انخفاض التضخم وجنى ثمار الإصلاح الاقتصادي" متوقعة نموا بنسبة 4.5 بالمئة فى السنة المالية المقبلة ارتفاعا من 3.3 بالمئة فى السنة الحالية.