خبير: منع الاستيراد سيزيد من احتكار بعض السلع فى السوق

قال إيهاب سعيد خبير سوق المال "تابعت كغيرى قرارات وزارة التجارة والصناعة بشأن الاستيراد ورفع التأمين النقدى واشتراط ختم بنك بلد المنشأ، ومن بعدها قرارات المركزى بتحجيم الانفاق الاستهلاكى بغرض الضغط على فاتورة الواردات، ثم بعدها قرارات زيادة التعريفة الجمركية بإيعاز من الحكومة الى 20 - 40% على أكثر من 500 سلعة تحت مسمى "سلع استفزازية" "ودعم الصناعة الوطنية".

فتلك الحزمة من القرارات والإجراءات، إنما تهدف إلى تقييد الاستيراد، بغرض تقليل العجز فى الميزان التجارى و دعم العملة المحلية وخفض الطلب على الدولار.

وهى فى مجملها تنصب على بند الواردات، دون النظر إلى الصادرات، على الرغم مما شهدته من تراجع حاد قارب على 20% خلال العام 2015 والذى يعد الأسوأ للصادرات المصرية خلال السنوات الخمس الأخيرة، ومن المتوقع أن يستمر التراجع نظرا لبقاء الأسباب كما هى.

والحقيقة أن تلك القرارات لا تستهدف كما "أشيع" السلع الاستفزازية وإنما امتدت لسلع أساسية لا يمكن أن نطلق عليها لفظ استفزازية ونحن فى عام 2016، ومنها على سبيل المثال وليس الحصر، الأدوات المكتبية وأدوات الإنارة ومستلزمات التشطيبات من أرضيات وحوائط وأثاثات، وكذا الأجهزة والمستلزمات المنزلية والملابس والأدوات الكهربائية، بل امتدت إلى بعض السلع الأساسية مثل "السكر"، والأخير وحده يحتاج لبحث منفصل، حيث أن السكر المحلى يباع بسعر 4 جنيهات للكيلو فى الوقت الذى يبلغ ثمن المستورد منة 3 جنيهات فقط! مما تسبب فى تخمة المعروض منة بالمخازن وعدم القدرة على تصريفة! ويجادل البعض أن تلك الإجراءات هدفها دعم الصناعة المحلية وفى ذات التوقيت الحفاظ على الاحتياطات الأجنبية، ولكن بأمانة شديدة، هى مقولة حق يراد به باطل! فأحد أساسيات السوق، ضمان التنافسية لمصلحة المستهلك، فحين يضطر المستهلك لشراء كيلو السكر المحلى "كمثال" بأربعة جنيهات بعد تحجيم ورفع التعريفة الجمركية على المستورد، فلا يمكن بأى حال من الأحوال أن تكون تلك القرارات فى صالحة! بالإضافة إلى أن الصناعة المحلية لن تستفيد بشكل كبير كما يتصور البعض بتحجيم الاستيراد، سيما فى ظل التضييقات على استيراد مدخلات الإنتاج بوضع حد أقصى على الايداع بالعملة الأجنبية، حتى بعد رفعه إلى 250 ألف دولار، فهذا الرقم لن يفيد سوى المشاريع الصغيرة والمتوسطة، ولكنه لا يلبى متطلبات المصانع الكبرى والصناعات الضخمة! وأضف إلى ذلك أن اختفاء المنتج المستورد أو ارتفاع ثمنه، لن يؤدى لشىء سوى المزيد من الاحتكار للمنتج المحلى، بما ينتج عنه مزيد من التحكم فى الأسعار فى ظل غياب المنتج المنافس، والمواطن كالعادة هو من يدفع الثمن! ويتواصل الجدل بضرورة تفهم اضطرار الدولة لاتخاذ مثل هذه الإجراءات فى ظل الأزمة الحالية والمتمثلة فى تراجع الاحتياطى النقدى، والتراجع المتوقع فى الدعم الخليجى سواء على شكل استثمارات أو حتى منح بعد انهيار أسعار النفط، بالإضافة إلى تباطؤ النمو العالمى، ومن ثم فالدولة مضطرة لتحجيم الاستيراد للحفاظ على ما تبقى من احتياطيات.

ولكن، علاج الخلل فى الميزان التجارى من الممكن أن يتم بطرق أخرى، أما زيادة دعم الصادرات وهو أمر صعب فى ظل عجز الموازنة المتفاقم، وأما خفض قيمة العملة المحلية، وهو القرار الأصح والأسهل، ولكنه بكل أسف لا يلقى قبولا عند متخذى القرار نظرا لحالة الهلع من ارتفاع الأسعار! رغم أنه وكما أكدنا فى أكثر من مقال سابق أن الاستمرار فى دعم قيمة الجنيه أمام العملات الأخرى، أحد أهم أسباب إغراء المستورد على زيادة فاتورة الواردات، فى الوقت الذى يتراجع الطلب على صادراتنا بسبب ارتفاع ثمن العملة أمام نظيراتها الأخرى، فى ظل حرب العملات الطاحنة التى تقودها الصين بخفضها لقيمة اليوان مرتين متتاليتين لتتبعها 22 دولة أخرى بغرض الحفاظ على حصتها التصديرية وحماية منتجاتها. فى الوقت الذى يناور فيه المركزى المصرى برفع قيمة الجنيه للإيحاء لمكتنزى الدولار أن المستقبل للعملة المحلية! ومن هنا تأتى الأزمة الحقيقة فى اختلال الميزان التجارى المصرى، الذى وصل فيه العجز إلى قرابة 39 مليار دولار خلال العام المنقضى، وكما سبق وأشرت، ما تخشاه الدولة من التحرك فى سعر الصرف، هو ارتفاع الأسعار ومن ثم ارتفاع حدة الغضب المجتمعى.

ولكن دعونا نتساءل، ألن تتسبب القرارات الأخيرة لتحجيم الاستيراد فى ارتفاع الأسعار كما أسلفنا؟، نعم بكل تأكيد، مهما وصلت قدرة الدولة الرقابية، استنادا على قانون الطلب والعرض، فاختفاء السلع المستوردة أو ارتفاع ثمنها، سيفتح المجال للمنتج المحلى ليحتكر ويرفع من سعره بعيدا عن الجودة! إذن فما الفارق بين التحرك فى سعر الصرف الذى قد ينتج عنة ارتفاع طفيف فى الأسعار، وبين تحجيم الاستيراد الذى حتما سينتج عنه ارتفاع فى الأسعار بل وتراجع فى مستوى الجودة؟ ببساطة شديدة، الفارق يكمن فى السلبيات الناتجة من كلا القرارين، حيث إن تحجيم الاستيراد سينتج عنه توقف استثمارات وتراجع فى النشاط التجارى، وارتفاع فى الأسعار بسبب ارتفاع تكاليف المنتج المستورد واحتكار المحلى! أما تحريك سعر الصرف الذى تخشاه الدولة، سيضمن الحفاظ على تنافسية السوق وجذب المزيد من الاستثمارات الخارجية وارتفاع الصادرات، ومنع الاحتكار، بما يصب فى مصلحة المواطن على المدى المتوسط والطويل! ولذا، فالتفسير الوحيد المنطقى الذى يمكن تقبله بعد هذه "الحفنة" من الإجراءات المقيدة للنشاط التجارى، أن تكون نواة لبدء تحريك سعر الصرف، وأن يكون هدف المركزى "تحجيم" السوق قبل اتخاذ هذه الخطوة حتى يتجنب أى انفلات فى أسعار السلع.

وفيما عدا هذا، فلا يوجد أى مبرر أو تفسير منطقى لكل هذه الإجراءات التى من شأنها أن تعيد الاقتصاد المصرى لعشرات السنوات للخلف!



الاكثر مشاهده

"لمار" تصدر منتجاتها الى 28 دولة

شركة » كود للتطوير» تطرح «North Code» أول مشروعاتها في الساحل الشمالى باستثمارات 2 مليار جنيه

الرئيس السيسى يهنئ نادى الزمالك على كأس الكونفدرالية.. ويؤكد: أداء مميز وجهود رائعة

رئيس وزراء اليونان يستقبل الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي محمد العيسى

جامعة "مالايا" تمنح د.العيسى درجة الدكتوراه الفخرية في العلوم السياسية

الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي يدشّن "مجلس علماء آسْيان"

;