قال إيهاب سعيد خبير سوق المال والمرشح لانتخابات مجلس إدارة البورصة، إن إجمالى قيم التعاملات بالبورصة المصرية عام 2017 هو تقريبا سدس ما كان عليه فى العام 2008، وإذا عدنا إلى قيم وأحجام التعاملات بالبورصة عام 2008 فسنجدها تتراوح بين 1.5 - 2 مليار جنيه تعاملات يوميا أى حوالى 250 - 330 مليون دولار، أما الآن فقيم وأحجام التعاملات تتراوح فى أفضل الأحوالى بين 1 – 1.5 مليار جنيه يوميا أى حوالى 55 - 80 مليون دولار فقط!!
وأضاف سعيد أن تلك القيمة الضئيلة لا تتناسب إطلاقا مع البورصة المصرية، والأزمة هنا ليست فقط فى الدولار وفارق تقييمه، ولكنها فى العديد من الصعوبات والمعوقات التى أودت إلى تلك القيم المتدنية.
وأكد سعيد أن أيا من المرشحين لمجلس إدارة البورصة يجب أن يكون الشغل الشاغل له هو كيفية رفع قيم وأحجام التعاملات فى البورصة، فبدون قيم تعاملات لن تكون هناك بورصة أو شركات أو متعاملين، ومن ثم تفقد البورصة أهدافها الأساسية، سواء فى توفير التمويل بغرض التوسع أو إعادة الهيكلة، أو لمشاركة رؤوس الأموال الصغيرة فى شركات قائمة بما يعود بالنفع على الناتج المحلى الإجمالى.
ولتحقيق هذا الهدف الأساسى الذى يشغل بال كل من له علاقة بسوق المال سواء متعاملين أو عاملين يجب أن نتفهم أولا أن الأمر ليس فقط بيد إدارة البورصة، وإنما هناك جهات أخرى يجب أن تدعم وتساند وتهيئ البيئة الجاذبة سواء للشركات الراغبة فى الإدراج أو للمستثمر الراغب فى الدخول للبورصة.
ولذا فأى برنامج سيتوقف دائما على مدى الدعم الذى يمكن أن تقدمه الدولة لإنجاح منظومة سوق المال، أو يمكن القول لاستعادة البورصة المصرية لمكانتها الطبيعية بين بورصات المنطقة بالتنسيق مع مجلس الإدارة القادم، وعن برنامجى الانتخابى فهو يتلخص فى 5 محاور أساسية: أولها، السعى لإلغاء ضريبة الدمغة
وأهم التحديات الحالية التى تواجه السوق تتمثل فى ترقب السوق لبدء تطبيق ضريبة الدمغة والتى من المتوقع أن تتسبب فى انخفاض قيم وأحجام التعاملات بالسوق سيما وهى قد تتسبب فى ارتفاع تكلفة التداول، ومن المعروف أن السوق تنقسم إلى فئات مختلفة من المستثمرين فيما يتعلق بالمدى الاستثمارى، ودفعت الأحداث التى تعرضت لها البلاد على مدار السنوات الماضية إلى تحول شريحة كبيرة من المتعاملين بالبورصة من الاستثمار إلى المضاربة قصيرة الأجل بما فيها بعض الصناديق والمؤسسات نظرا لانخفاض مستوى الثقة بالسوق، وكنتيجة طبيعية لهذا المدى الزمنى القصير أن تكون المضاربة على هامش ربح ضئيل، وأى ارتفاع فى تكلفة التداول من شأنه أن يدفع هذه الفئة التى تقارب على 50% من متعاملى السوق للإحجام عن التعامل، بما يهدد من نشاط السوق بشكل فعلى، الأمر الذى قد يؤثر سلبا على برنامج الحكومة للإصلاح الاقتصادى وخاصة فيما يتعلق بطرح الشركات الحكومية.
ولذا، فتعد ضريبة الدمغة هى أهم أولوياتى، وسأسعى بكل السبل لإلغائها أو إيقاف العمل بها، وهذا ليس بسبب أن القطاع أو العاملين به ضد المشاركة فى الواجب الوطنى وتحمل جزء من العبء الضريبى، وإنما يعود بالأساس للحفاظ على أحد أهم القطاعات الاقتصادية فى الدولة باعتباره رافدا من روافد العملة الصعبة ومنصة لتمويل الشركات للتوسع فى نشاطها، ناهيك عن كونها صناعة ضخمة يعمل بها عشرات الآلاف من المصريين عانوا الأمرين على مدار سنوات عجاف منذ الأزمة المالية العالمية.
ثانيا: إدخال آليات جديدة للسوق (البيع الآجل - المشتقات عقود مستقبلية وعقود خيار).
إن السوق المصرى تأخر كثيرا خلال السنوات الأخيرة نظرا للظروف السياسية التى شهدتها البلاد، ومنذ العام 2006 والحديث لا ينقطع عن ضرورة استحداث آليات جديدة بالسوق المصرى لمواكبة التطور الهائل فى الأسواق المالية على مستوى العالم، وبين الظروف السياسية والعقبات الشرعية والحكومات المتعاقبة فشلت البورصة فى إدخال آليات جديدة للسوق تزيد من عمقه وتشكل تنوعا أمام المستثمر سواء المحلى أو الأجنبى، ولذا سيكون إدخال مثل هذه الآليات الجديدة للسوق من أهم أهدافى حال نجاحى فى الانتخابات المقبلة ومنها البيع الآجل (Short Selling) والمشتقات (Derivatives) ومن الممكن قصرها فى البداية على المستثمر المؤسسى حتى الإلمام الكامل بها من قبل المتعاملين الأفراد.
ثالثا، ضرورة طرح المزيد من الشركات بالسوق لرفع القيمة السوقية وزيادة عمق السوق.
وللأسف الشديد البورصة المصرية تراجع حجم قيمتها السوقية بشكل كبير بالمقارنة مع إجمالى الناتج المحلى، فالبورصات على مستوى العالم قد تمثل ما بين 50 - 70% من إجمالى الناتج المحلى لأى دولة، وهو ما كانت تتمتع به البورصة المصرية خلال عام 2008 حين وصلت قيمتها السوقية إلى 800 مليار جنيه فى الوقت الذى كان إجمالى الناتج المحلى يتراوح حول التريليون ومائة مليون جنيه بما يعنى أن البورصة كانت تمثل حوالى 72% من الناتج المحلى.
أما الآن فالبورصة المصرية لا تتعدى قيمتها السوقية 700 مليار جنيه بالمقارنة مع إجمالى ناتج محلى قارب على 4 تريليون جنيه بنسبة لا تتجاوز 15% بما يجعلها أقل تعبيرا عن الوضع الاقتصادى الحقيقى، وهو ما يشكل عائقا أمام العديد من المؤسسات الدولية للاستثمار بالسوق المصرية نظرا لتراجع قيمتها السوقية أيضا بالعملات الأجنبية فى أعقاب تحرير سعر الصرف.
ويرجع هذا بالأساس إلى خروج عدد كبير من الشركات الكبرى من السوق المصرية وعدم تعويضها بشركات جديدة وبشكل خاص الشركات الحكومية، فمنذ العام 2005 لم تقم الدولة بأى طروحات بالبورصة المصرية، ومؤخرا أعلنت الحكومة عن برنامجها للإصلاح الاقتصادى وإعادة طرح بعض الشركات بالبورصة وهو ما يجب العمل عليه والتسريع به، مع ضرورة تشجيع شركات القطاع الخاص أيضا على الإدراج بالسوق وهو ما يتطلب التنسيق بين الجانب الحكومى وإدارة البورصة وذلك بتوفير الحوافز اللازمة لجذب هذه الشركات وتعريفها بأهمية الإدراج بالبورصة باعتبارها منصة للتمويل وإظهار دورها فى التنمية بتوفير التمويل اللازم لدعم نشاطها بما ينتج عنه زيادة إجمالى الناتج القومى وخفض معدلات البطالة.
رابعا، تفعيل مبادئ الحوكمة بالشركات والارتقاء بمستوى الإفصاح والشفافية.
شهدت مصر خلال الأعوام الأخيرة تطورا كبيرا فى الالتزام بمعايير الإفصاح والشفافية ولكننا لازلنا نحتاج للمزيد من التعريف بأهمية الحوكمة والإدارة الرشيدة بما يهدف إلى تحقيق التميز بالعمل الإدارى وذلك باختيار الأساليب المناسبة والفعالة لتحقيق الخطط والأهداف لأى عمل منظم سواء بالقطاع العام أو الخاص.