"دعونا نكون صادقين.. الشرق الأوسط وشمال أفريقيا يحترق، وفى بعض المناطق يحترق حرفيا، فالصراع والهشاشة يشوهان منذ وقت بعيد ما كان فى الماضى يشكل مهد الحضارة والإلهام لكثير من الاختراعات التى لا نستطيع العيش بدونها اليوم، بيد أنه فى خضم تلك النيران يبزغ شعاع أمل هو المحرك والدافع لتغيير يحوّل الواقع القبيح إلى مستقبل مشرق"، بهذه الكلمات بدأ بسام سبتى محرر القسم العربى فى مجموعة البنك الدولى تدوينته المنشور على مدونة البنك، حول الذى "لم يره مطلقا فى حياته"، وهو النهضة الجديدة فى الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
وأشار السبتى فى تدوينته، إلى أنه كان متشائما بشأن ما كان يحمله المستقبل لتلك المنطقة، وأنه عاما بعد الآخر، أصبح التأثير المتسلسل للانهيار حقيقة واقعة تشكّل المنطقة وشعوبها، ولكن مع ذلك، ومع التقدم سريعا إلى عام 2017، فإنه شهد ما لم يتخيل مطلقا أن يراه فى حياته، من خلال تواجده مؤخرا فى المنتدى الاقتصادى العالمى حول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا فى البحر الميت بالأردن، حيث اشترك المنتدى ومؤسسة التمويل الدولية، ذراع مجموعة البنك الدولى لمساندة القطاع الخاص، فى جمع 100 شركة عربية ناشئة تشكل الثورة الصناعية الرابعة.
وقال "هناك كان الشعور الإيجابى منتشر فى كل مكان. لم يكن هناك أى تشاؤم أو سلبية على الإطلاق، بل شعور جديد بالتفاؤل والحماس والنهم للتغيير، والإرادة لنقل المنطقة إلى مستقبل جديد كليا بعيدا عن الصراع والإحساس السائد حاليا بالتشاؤم".
وأشار السبتى، إلى أنه خلال المؤتمر، كان محاطا بالشباب الذين كانت أفكارهم الناشئة تتسم بالثورية، وأنه حين تحدث معهم، أدرك أنهم القادة الحقيقيون للإيجابية فى المنطقة، وأنهم هم من يجلبون التغيير.
وضرب السبتى مثالا بسنا حواصلى من سوريا التى شاركت فى إنشاء شركة ناشئة صممت مجموعة أدوات برمجة متصلة بأحد تطبيقات الهاتف المحمول وذلك لتعليم الأطفال مبادئ الإلكترونيات دون الحاجة إلى إشراف الخبراء. وتفاديا لما يواجهه بلدهما من تحديات، نشأت الشركة الجديدة التى أسستها مع شريكها الحسن محمد على كوسيلة لجعل تعلم الإلكترونيات بسيطا قدر الإمكان.
كما ضرب السبتى، مثالا بأيمن عرندى الذى أسس شركة ناشئة متخصصة فى التكنولوجيا التفاعلية فى مدينة رام الله الفلسطينية، تصمم وتنفذ غرفا حسّية - غرف استرخاء مع الأضواء والموسيقى والصور المرئية التى يمكن أن تزيد من الشعور بالسعادة وتخفض الإحساس بالتوتر- وحتى الآن، قامت الشركة بتركيب 50 من تلك الغرف فى الضفة الغربية وذلك لخدمة أكثر من 10 آلاف طفل وبالغ فى المدارس والمستشفيات. ومن بين المستفيدين بها الأطفال المصابون بالتوحد، واضطرابات ما بعد الصدمة، واضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه، والإعاقة، وأحدث مشروعاتها هو تصميم غرف فريدة فى مستشفى فلسطينى حكومي، وذلك لخدمة الأطفال الذين يعانون من حروق شديدة فى الجلد.
وعلى بعد مئات الأميال فى مدينة دبي، توجد شابة من لبنان لديها رسالة هى مساعدة العاملين غير المتفرغين بالمنطقة على العثور على عمل يناسب مهاراتهم وشغفهم. ولتحقيق هذه الرسالة، أسست لولو خازن باز، 35 عاما، منصة يستخدمها حوالى 100 ألف شخص حاليا بحثا عن عمل مع شركات مثل آى بى إم وجنرال الكتريك وعشرات غيرهما.
محركات خلق فرص العمل
ويشير سبتى، إلى أنه مع استمرار معدلات البطالة على ارتفاعها فى الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، فإن الهدف الطموح الذى يتمثل فى استيعاب العاطلين عن العمل بالإضافة إلى الداخلين الجدد إلى السوق يعنى ضرورة خلق ما يقارب 100 مليون وظيفة بحلول عام 2020، وفقا للبنك الدولي.
ويقول "تعانى المنطقة منذ فترة طويلة من أجل توليد ما يكفى من فرص العمل الجيدة لقوتها العاملة الضخمة والمتعلمة بشكل متزايد، ولكن هذا الوضع يمكن أن يتحسن، إذ يبرز تقرير للبنك الدولى الدور المحورى لتعزيز المنافسة فى تحفيز نمو القطاع الخاص، ويؤكد على أن الشركات الحديثة والمنتجة تولد فرص عمل فى اقتصاد بلدان المنطقة".
ويختتم مقاله بقوله "تعمل الثورة الصناعية الرابعة على إحداث ثورة فى الأسلوب الذى ينظر به سكان الشرق الأوسط إلى حاضرهم ومستقبلهم، ويسمح لهم ذلك بالتغلب على العديد من التحديات التى مازالوا يواجهونها ويتيح لهم أن يقولوا "نحن الشرق الأوسط، ولكن إصدار 2.0.!".