قال ممدوح عمر رئيس مصلحة الضرائب الأسبق، إن المجتمع الضريبى غير مهيأ حتى الآن لتطبيق ضريبة القيمة المضافة، والتى تسعى الحكومة لإقرارها من خلال البرلمان.
وأوضح عمر، فى تصريح لـ"انفراد"، أن تهيئة المجتمع الضريبة تعنى وجود معلومات واضحة حول النشاط الاقتصادى فى مصر، وهو ما يتطلب إلزام جميع مقدمى السلع والخدمات بتقديم فواتير، وهو ما فشلت الإدارة الضريبية فى تطبيقه حتى الآن.
وتابع، أن عدد المسجلين بضرائب المبيعات ولهم ملفات ضريبية حاليًا 280 ألف مسجل فقط، فى حين يصل عدد ملفات ضريبة الدخل إلى 6 ملايين ممول، وهو ما يوضح حجم الفجوة فى المعلومات حول النشاط الاقتصادى، الناتجة عن عدم استخدام الفواتير فى المعاملات اليومية.
وأشار عمر، إلى انه إذا تم تطبيق ضريبة القيمة المضافة فى ظل هذه الحالة العشوائية، فلن ينجح تطبيقه، خاصة أنه سيؤثر على أسعار كافة السلع والخدمات.
وتسعى الحكومة للإسراع فى تطبيق قانون جديد لضريبة القيمة المضافة بديلاً عن ضريبة المبيعات، تستهدف من خلالها تحقيق 31 مليار جنيه بموازنة العام المالى الحالى 2015/2016، وهو ما يصعب تحقيقه عمليًا لانتهاء أكثر من نصف السنة المالية دون إقراره.
وأحالت الحكومة مشروع القانون إلى البرلمان لمناقشته، فى الوقت الذى أدرجت فيه تطبيقه ضمن خطة الإصلاح المقدمة إلى البنك الدولى لاقتراض 3 مليارات دولار على شرائح.
وتضمنت وثيقة اتفاق القرض التى وقعت عليها وزيرة التعاون الدولى وأقرها الرئيس السيسى، أن تطبيق ضريبة القيمة المضافة أحد "شروط النفاذ"، أى يمكن أن يتراجع البنك عن منح مصر أى دفعة من القرض إذا لم تلتزم بإقراره كما هو متفق عليه، طبقًا لما أوردته دراسة صادرة عن المبادرة المصرية للحقوق الشخصية حول تفاصيل الوثيقة.
وأشارت الدراسة – التى تلقى "انفراد" نسخة منها - إلى أن الحكومات تفضل ضريبة القيمة المضافة لسهولة جمعها وقلة تكاليفها الإدارية، فى حين يعاب عليها أنها معادية للعدالة الاجتماعية حيث يقع عبؤها بشكل أكبر على الفئات الاجتماعية الأضعف، كما أنها غير قادرة على علاج التفاوت فى الدخول الذى يتسم به المجتمع المصرى.
وردًا على ما تؤكده الحكومة من أن تطبيق القانون لن يؤثر على محدودى الدخل، قال عمر: "ليس من مصلحة أحد الترويج لكلام غير واقعى، عبء الضريبة سيقع على المستهلك النهائى من مختلف الطبقات، ولن يتحملها الأغنياء من التجار والمصنعين والمستوردين".
وحول إعلان الحكومة فى وقت سابق إعفاء السلع الغذائية الحيوية كالشاى والسكر والزيت من الضريبة – رغم خضوعها فى قانون ضريبة المبيعات الحالى – أشار عمر إلى أنه لا يوجد ما يضمن ألا يذهب هذا الإعفاء لجيوب التجار والمستوردين.
وبرر رئيس مصلحة الضرائب الأسبق حديثه بأن عندما تم إقرار إعفاء جمركى للسلع المستوردة من دول الكوميسا، لم نر انخفاضًا فى أسعار الشاى المستورد من كينيا، فالمستهلك لم يستفيد من هذه الميزة، ولكن ذهبت لجيوب المستوردين.
وحتى يمكن السيطرة على هذه الأوضاع المختلة، أكد عمر أنه ينبغى دراسة أثر أى سياسة ضريبية على السوق والأسعار والمستهلك النهائى كجزء من السياسة الضريبية، فالضرائب ليست بمعزل عن الاقتصاد.
وانتقد عمر فرض ضريبة مزيدة بقيمة 3% على غير المسجلين بالضريبة أى المشروعات الصغيرة والمفترض أنها غير خاضعة للضريبة من الأساس، مما يرى أنه سيؤثر على أسعار السلع الموجهة لمحدودى الدخل بشكل سلبى، قائلا: "يجب أن يكون الحديث واضحًا أمام الجميع والمصارحة بالتأثيرات الحقيقية لتطبيق القانون".
من جانبهم رفض نواب برلمانيون تمرير أى قانون تتقدم به الحكومة من شأنه التأثير سلبًا على محدودى الدخل، او أن يستخدم هذا الاتفاق كنوع من الضغط الحكومى على البرلمان لإقرار القانون.
وقال الدكتور محمد على عبد الحميد النائب البرلمانى عن دائرة الطالبية: "الحكومة لا تملك الضغط على البرلمان.. البرلمان هو من يضغط على الحكومة لصالح الشعب".
وشدد فى تصريحات لـ"انفراد"، أنه إذا كان قانون ضريبة القيمة المقدم من الحكومة يمس المواطن البسيط، فلن يقبله البرلمان، مؤكدًا أهمية دراسة مشروع القانون المقدم بعناية قبل اتخاذ أى قرار.
وأضاف: "ظروف الناس صعبة مش مستحملة، سنضع موضوع البنك الدولى فى الحسبان لكنه لن يكون الفيصل فى قبول القانون أو رفضه وإنما مصلحة المواطن أولاً".
من جانبه أكد أشرف العربى عضو مجلس النواب بالتعيين ورئيس مصلحة الضرائب الأسبق، ألا يوجد لديه مخاوف من رفض قانون ضريبة القيمة المضافة، والذى سيخضع لمناقشة واسعة بالمجلس لدراسة آثاره من كل الجوانب.
وقال لـ"انفراد": "البرلمان لن يقبل تحميل محدودى الدخل أى أعباء ناتجة عن زيادة أسعار السلع التى تمس حياتهم بصورة مباشرة، ولكن قد يتأثر متوسطو الدخل، ولكن التأثير سيكون محدودًا ومحسوبًا".