تعرض فرنسا الأربعاء مشروع موازنتها للعام 2018 على أن يوفق ما بين التخفيضات الضريبية الكبيرة التى تعهد بها الرئيس ايمانويل ماكرون والحد من العجز فى الميزانية العامة امتثالا لطلبات الاتحاد الأوروبى، ما يطرح تحديا صعبا على الحكومة.
منذ أسابيع تروج الحكومة لأول مشروع ميزانية بصفته "موازنة تحولية" تتمحور حول "القدرة الشرائية" و"احترام الالتزامات"، ومن شأنها أن تكرس عودة فرنسا للالتزام بالمعايير الأوروبية مع عجز يقل عن 3% للعام الثانى على التوالى.
لكن المعادلة دقيقة. ويقول الان ترانوا مدير الابحاث لدى معهد الدراسات العليا للعلوم الاجتماعية فى باريس لوكالة فرانس برس "تتركز الأهداف فى ثلاثة صعد: خفض الضرائب بشكل ملحوظ وزيادة النفقات فى بعض القطاعات والحد من العجز".
يشمل مشروع قانون المالية الذى سيطرح امام مجلس النواب خلال الخريف مجموعة من الاجراءات مثل تعديل الضريبة على الثروات وفرض معدل واحد على عائدات الدخل وخفض ضريبة السكن بالنسبة الى 80% من الأسر.
وستستكمل هذه الاجراءات بالغاء أقساط البطالة والمرض التى يتحملها موظفو القطاع الخاص على ان تعوض هذه الكلفة بزيادة ب1,7 نقاط فى الضرائب التى يسددها مجمل المقيمون فى فرنسا والتى يتم احتسابها مباشرة من الرواتب والعلاوات لتمويل الضمان الاجتماعي.
من المفترض ان تتيح هذه الاصلاحات خفضا فى مساهمات الشركات والأسر من 10 مليارات يورو فى ما يشكل بحسب رئيس الوزراء ادوار فيليب "جهدا كبيرا يمثل أكثر من نصف" الخفض الضريبى الذى تعهدت به الحكومة على مجمل ولايتها الممتدة على خمس سنوات.
بالإضافة إلى خفض الضرائب، ستكرس موازنة العام 2018 زيادة الأموال المتصلة بوعود ماكرون خلال حملته الانتخابية ومن بينها تعزيز الامن وتحسين رعاية الاطفال ذوى الاحتياجات الخاصة وتحسين المساعدات للعاملين من ذوى الدخل المتدني.
كما من المتوقع أن يتضمن مشروع القانون زيادة فى مخصصات وزارات مثل العدل والتعليم العالى والدفاع.
"سيكون صعبا"
تقول وزارة المالية إن العجز العام سيتراجع العام المقبل الى 2,6% من اجمالى الناتج الداخلى بينما كان الهدف المحدد حتى الآن عند 2,7%.
ولتحقيق هذه الأهداف، أعلنت وزارة الاقتصاد والمالية خفضا من 0,7 نقطة من الانفاق العام ما معناه اقتطاعات غير مسبوقة فى الموازنة من 16 مليار يورو. وبرر وزير الاقتصاد والمالية برونو لومير ذلك بالقول "سيكون صعبا لكنه ضرورى".
ومن المفترض ان تتحمل الدولة مع ثمانية مليارات يورو، العبء الاكبر من اجراءات خفض الانفاق مع الغاء 1600 وظيفة فى القطاع العام من اصل 50 الف متوقعة على مجمل ولاية الحكومة.
وسيشمل خفض الانفاق ثلاثة قطاعات خصوصا هى التوظيف مع خفض ملحوظ فى عقود العمل التى يحصل فيها رب العمل على مساهمات حكومية، والسكن مع خفض المساعدات المقدمة الى الأسر الاكثر فقرا، والنقل مع تجميد عدد كبير من مشاريع البنى التحتية الكبرى.
وسيتعين على السلطات المحلية خفض نفقاتها بنحو 2,5 مليارات يورو والضمان الاجتماعى بنحو 5,5 مليارات يورو.
وتعول الحكومة لتحقيق هذا التوازن الدقيق، على تحسن اقتصادى ترافقه عائدات إضافية ونمو بنسبة 1,7% فى العام المقبل.