هل يؤثر التعويم إيجابيا على زيادة الصادرات المصرية إلى الخارج؟ الإجابة المتوقعة هى نعم لأن أى تخفيض فى سعر العملة لدى الدولة يتبعه حصول صادراتها على ميزة نسبية تجعلها تنافس فى الأسواق الخارجية وبالتالى تزداد قيمتها وكميتها وتتسع الأسواق الخارجية المستقبلة للصادرات. ولكن كيف تتأثر الصادرات المصرية بتخفيض سعر العملة؟
ما كشفته دراسة أعدها الدكتور شهير زكى أستاذ مساعد الاقتصاد بجامعة القاهرة، أن تأثير تعويم العملة على الصادرات يتحدد بناء على قوة قطاع الصادرات فى أى دولة بالأساس، وما إذا كانت مكونات الإنتاج مستوردة أم محلية الصنع، ويكون تأثر صادرات الدول النامية بتخفيض العملة بسيطا أو ضعيفا لأن أغلب مكوناتها مستوردة من الخارج.
وأوضح زكى خلال الندوة التى عقدها المركز المصرى للدراسات الاقتصادية اليوم الأربعاء، بعنوان: "ما هى العلاقة بين هوامش التجارة الدولية وسعر الصرف؟ الحالة المصرية"، أنه فى الحالة المصرية فإن الصادرات تتأثر إيجابا بتخفيض قيمة العملة ولكن هذا التأثير يقتصر على السعر وليس الكمية المصدرة.
ولفت من خلال الدراسة إلى أن تنافسية الصادرات المصرية خلال فترة ما قبل التعويم انخفضت بنسبة 38%، وهو ما يؤثر سلبا على الصادرات، لافتا إلى أن تغير سعر الصرف يلعب دورا فى تحسين التنافسية وجودة السلعة وفتح أسواق جديدة للتصدير.
ورغم استفادة مصر من تخفيص سعر العملة فى زيادة قيمة الصادرات إلى أنها مازالت غير مستفيدة من ذلك فى زيادة كمية الصادرات ونوعية وتصدير منتجات جديدة وفتح أسواق جديدة، وهو ما يجب النظر إليه من خلال وجود استراتيجية واضحة للصناعة للمنتجات التى لدينا فيها ميزة تنافسية وتتأثر بانخفاض سعر صرف العملة وهى منتجات تمثل حوالى 56% من الصادرات المصرية إلى الخارج بما يعنى أن هناك فرصا كبيرة لتحسين تنافسية الصادرات المصرية وزيادتها وانتشارها.
وقال الدكتور إبراهيم البدوى المدير التنفيذى لمنتدى البحوث الاقتصادية، أن تخفيض سعر الصرف فى مصر أدى لميزة نسبية للصادرات المصرية ويمكنها تصدير سلع جديدة وارتياد أسواق لم تدخل إليها مصر من قبل، مشيرا إلى ان تثبيت سعر الصرف من أهم التحديات التى تواجه الإصلاح الاقتصادى فى مصر.
وأشار البدوى إلى تجربة دولة تشيلى والتى كانت تربط موازنتها السنوية بسعر النحاس الذى يمثل ثلث الاقتصاد التشيلى، وعام 2013 انهار سعر النحاس بنسبة 40% ولأن سعر الصرف لديهم معوم انهارت العملة أيضا بحوالى 40%، ولكن لم يتأثر التضخم سلبا بصورة كبيرة وظل تحت السيطرة، وتم استيعاب كافة العمالة المسرحة من المناجم فىى العمل بالمزارع، وهى تجربة جديرة بالدراسة.
وأكد البدوى على أن قوة الجنيه لا يجب أن تكون هدفا استراتيجيا ولكن استقرار سعر الصرف والسيطرة على التضخم هو ما يجب أن يكون هدف البنك المركزى.
وقال هانى جنينة وكيل مساعد محافظ البنك المركزى للتطوير المصرفى، أن تثبيت سعر صرف الجنيه عند قيمة محددة لم يعد تماما هدف البنك المركزى، والذى يركز الآن على تحجيم التضخم والمستهدف أن يصل إلى 13% بنهاية الربع الرابع من سنة 2018.
وأشار جنينة إلى أن ارتفاع سعر الفائدة أثر إيجابيا على الصادرات المصرية لأن العديد من الشركات لجأت إلى التصدير للحصول على عملة صعبة يمكن بضمان هذا التصدير الاقتراض بالعملة الأجنبية بفائدة أقل من البنوك المحلية، أى توجهت للتصدير حتى يمكنها الاقتراض بالدولار، وهذه فائدة إيجابية للصادرات المصرية.
وأشار طارق توفيق نائب رئيس مجلس إدارة المركز المصرى للدراسات الاقتصادية، إلى أن العديد من الشركات كانت تحصل على رخصة تصنيع وتقوم باستيراد منتجات وتبيعها فى السوق المحلى من خلال التهريب، ولكن بعد التعويم لم يعد هذا الأمر مجديا، وهناك العديد من الشركات على هذه الشاكلة "لن يقوم لها قومة" - على حد تعبيره.
وأكد توفيق على أن العديد من الشركات خاصة متعددة الجنسيات التى تعمل فى مصر اتجهت نحو تقليل المدخلات المستوردة مثل الصناعات الغذائية وصناعات الألبان وغيرها، مطالبا بإنهاء البيروقراطية حتى يمكن للصناعة المصرية الانطلاق نحو التصدير.
وقالت الدكتورة عبلة عبد اللطيف المدير التنفيذى للمركز المصرى للدراسات الاقتصادية أن كون الصادرات المصرية تأثرت بتخفيض قيمة العملة من حيث السعر فقط وليس الكمية فهذا يدل على ضعف الهيكل الاقتصادى.
وشددت عبد اللطيف على أن هدف الدولة من دعم الصادرات لا يجب أن يقتصر على جلب عملة صعبة لتقليل عجز الميزان التجارى وتحسين موقف ميزان المدفوعات، وإنما يجب أن يكون الهدف الأساسى هو تحقيق التنمية المستدامة لتحسين حياة الناس.