فجأة أطلت علينا شاشات القنوات التليفزيونية العربية مهللة الاولمبياد على قنواتنا مباشرة و اغلبنا لم يصدق طبعا لغلاء الاسعار و نظرا لان اللجنة الاولمبية الدولية حددت مبلغ 350 مليون دولار عن كل منطقة لبث الالعاب اليها لان اللجنة الدولية لا تقسم العالم الى قارات بل مناطق لما هو معروف من تداخل بعض الدول بين القارات و بعضها و كنا قد تحدثنا هنا عن انه لا فرصة امام المشاهد العربي لمشاهدة الحدث مجانا .
و لكن و نظرا للطبيعة العربية المعروفة و لقاعدة الكرم الحاتمي التي لا تظهر الا في الاوقات الصعبة فقط فقد وجد الموضوع طريقه الى الحل باتصالات بدات بمكالمة هاتفية من تركي الدخيل المستشار الاعلامي للشيخ محمد بن زايد ولي عهد ابوظبي للسؤال لماذا لن تذاع الاولمبياد و كان السؤال موجها الى اتحاد الاذاعات العربية الشهيرة " اسبو " و جاءت الاجابة السريعة : طالبين 350 مليون دولار و احنا قدرتنا كاسبو 100 مليون فقط و بالعافية نقدر نجمعهم .
و على طريقة الغازية بتاعة النقوط سارعت اسبو التي يتقاضى مدراءها مبالغ مالية مبالغ فيها فعلا تصل الى مليون دولار شهريا لمدير التنفيذي و لن اتطرق الى اسماء حتى لا ادخل في مشاكل قانونية انا في غنى عنها اضافة الى ان ما عنديش محامي الجأ له علشان " يسف " مني خمسة الاف و عشرة الاف جنيه علشان المحامي يدافع عني في اي قضية تشهير لان اللي ممكن اكتب اسماءهم يعتبروا ان ده تشهير و باقي القصة مفهومة.
المهم ان الشيخ محمد بن زايد قرر في مساهمة منه لتخفيف العبء على المواطن العربي ان يدفع ربع مليار دولار قبل اسبوع واحد من انطلاق الالعاب و بالمناسبة و مثل حال نظام التليفونات بمصر فان في العالم فيه غرامات تاخير كتيرة و اللجنة الاولمبية الدولية عاملة النظام ده و الا هاتجمع الفلوس ازاي و للتفسير فانه قبل نهاية كل دورة اولمبية صيفية او شتوية تعرض اللجنة الاولمبية الدولية سعر النسخة القادمة و بالتقسيط لكن طبعا مش لاي حد .. للتليفزيونات الحكومية فقط من خلال اتحاداتها المشاركه فيها و هو موضوع يطول شرحه و الاهم هنا هو ان السعر يختلف في العرض الاول يعني مثلا ان لو جهة ما عايزه الالعاب الاولمبية قبل بدايتها باسبوع مثلا فهناك سعر و حتى قبل البداية بيوم هناك سعر مختلف يعني زي شركات الطيران .
و طبعا لن نشرح هنا مدى الاحراج الذي تعرض له رؤساء التليفزيونات العربية لكن و بحكم انهم مسئولون صعدوا لمناصبهم بنظام التدرج الوظيفي و ليس بناء على الموهبة او الابتكار فانهم معتادون على " لكل مقام مقال " و " مستشاري لشئون الاي كلام قال لي كده " و " هذا ما الفنا عليه " و هو اي كلام يا عبد السلام لمجرد تجميل الصورة فقط.
المهم ان تحرك الشيرخ محمد بن زايد السريع هو من حسم الامر و في اليوم التالي كان مبلغ ربع مليار دولار قد تحول لحسابات اسبو و بالتالي الى اللجنة الاولمبية الدولية التي بالمناسبة تبقى الجهة الدولية الوحيدة التي لا تبيع الحقوق لشركات مثلما تفعل اتحاد كثيرة و اهمها الفيفا بينما على العكس فان رئيس اللجنه الاولمبية الدولية الحالي الالماني توماس باخ يتقاضى راتبا ثابتا بلا ضربية نظرا لان الراتب يخرج من سويسرا التي هي مقر اللجنه الاولمبية الدولية ( اعتقد انه لا يقرا عربي حتى يرفع علي دعوى ) و كان سابقه البلجيكي دكتور جاك روج لا يتقاضى راتبا ثابتا لانه كان يعتبر الوظيفة تطوعا فعلا لكن كانت تدفع له بدلات معينة و طبعا رحلات الطيران على حساب اللجنة الاولمبية الدولية التي هي في حالتنا هنا " صاخب المخل "
نرجع الى قصتنا حيث تسلمت اللجنة الاولمبية الدولية كامل المبلغ المطلوب و فورا و قبل خمسة ايام من بدء الالعاب ادرجت اسم اسبو ضمن المنظمات التليفيزيونية و الاذاعية التي لها حق بث الاولمبياد و بالطبع كانت اسبو قد ارسلت الى جميع القنوات العربية الحكومية طبعا باستثناء قناة واحدة خاصة هي ام بس سي لاسباب سنشرحها فيما بعد تطلب ترشيح معلق و فني للسفر الى البرازيل و نظرا لان كل قناة جاهزة بم عليه الدور فقد كانت الاجابات اسرع و " جهزي الشنطة يا عديلة انا مسافر بكره البرازيل " ترد عليه عديلة يا نهار اسود يا خراب بيتك يا عديله دي البرازيل دي فيها بنات قشطة اوعى عينك يا راجل تزوغ كده " او كده فلا يرد الراجل او الرجل او الريال و الزول و ترجموها باي لهجة عايزينها .
و لن نقول سرا اذا ادعينا ان بعضا ممن كانوا في بعثة اسبو العاب لندن عادوا بزجاجات مشروبات روحية يعني بالعربي كده خمره للتجارة فيها و بالتحديد من مصر بحجة ان " المنكر في لندن ارخص منه في مصر و مش مغشوش كمان " و اهي حاجة بتطلع فلوس و خلاص و كنا نعتقد ان " السبوبة " توقفت لكن المفاجأة الاخيرة من الشيخ محمد بن زايد اعادت الوضع الى سابقه الا انه و بسبب التقشف انخفض العدد من خمسة افراد الى اثنين فقط لكل دولة طيب الحمد لله .
لكن لا تنتهي القصة عند هذا الحد بل بدات قصص اخرى منها " قرف " العاملين في القنوات الحكومية من البطولة التي تبدا منافساتها متاخرا بتوقيت العالم العربي نظرا لفارق التوقيت المعروف و لولا ان هناك حوافز و " بدلات " و " تكليفات " تصرف في النهاية لما راينا اولمبياد بالمباشر او يحزنون.
الغريب هنا ان الامر يتعامل التعامل معه باحترافية اكثر في قناتي البي ان و الكاس لانهما قناتان خاصتان رغم ان بي ان تتبع الصندوق السيادي القطري بطريقه من الطرق لان ناصر الخليفي نائب رئيس الصندوق و رئيسه هو امير قطر مباشرة و في هاتين القناتين العمل بنظام الشيفتات و نظرا لان قطر هذه كل مساحتها اقل من مساحة دولة شبرا العظمى فان الوصول مثلا من الجنوب الى الشمال لا يستغرق الا ربع ساعة بالسيارة و ما فيش بقه " انا ساكن في المرج و لا في شبراخيت و لا في كرداسة و ما فيش مواصلات " .
بقى ان نذكر بان كل دولة عربية دفعت مبلغا رمزيا الى الاسبو مقابل نقل الاولمبياد باستثناء السودان و موريتانيا و جزر القمر و طبعا مصر و لن اقول كيف اتركها لتخمينكم
الارقام التي اوردها هنا حقيقية و غير مبالغ فيها فالبي ان دفعت 600 مليون دولار احمر طبعا مش مزور يعني اكثر بقليل من نصف مليار لنقل الالعاب تليه ابوظبي و دفعت 250 مليون دولار يعني ربع مليار لانها تنقل منافسات كثيرة و فضائيا.
طيب يا اخواننا هل قطر هي اغنى دولة عربية علشان تدفع المبلغ ده بسهولة ؟ الاجابة معقدة جدا فقطر من ايام الامير السابق حمد والد الامير الحالي خصصت ميزانية مهولة للاعلام و يكفي ان الجزيرة الاخبارية تصرف يوميا مش اقل من 5 ملايين دولار على النقل المباشر و قد اكون غير واقعي في الرقم لانه ممكن ان يكون اكثر من هذا بكثير و لكن لا قناة عربية حكومية او خاصة تستطيع منافستها و اتذكر انه حين دخل حسني مبارك الى النيز روم في الجزيرة عندما تم افتتاحها وجد في الخارج طبق عشرة امتار فقال عندنا زييه ثم عندما دخل الى المكان كانت عبارته الشهيرة " ايه دي عشة فراخ " للدلالة على ضيق المكان الى هذا الحد و يومها همس في اذن المحيطين به : هي دي بقى الجزيرة اللي واجعة دماغنا . دي اضيق من عشة الفراخ .
و بالمناسبة حد من اسبو اعترض في العام الماضي على استمرار الشركة في شراء قطع من اميركا باهظة الثمن و المعدات لنظام السي باند الذي تستخدمه اسبو و هو نظام عقيم نجح الامريكان ببراعة في بيعه للعرب كقطع خرده و بعدما اقنعوا العرب بمنتهى السبل سواء رشاوي او خلافه بانه النظام المثالي للمنطقة الصحراوية.
لا معلش الموضوع كده هايطول و عايز له شاي مش بالياسمين لا بالنعناع و الى فاصل ربما لمدة شهرين و بعدها نعود لما يكون فيه مزاج و دمتم .