نشأ ليكون في ظهره، دافعًا له إلى الأمام لكي يحقق للجميع الأحلام والآمال، ليكون سندًا قوياً لهذا الكيان، بيد أنه طعنه في ظهره من الخلف، هذا كان لسان حال روابط مشجعي فرق كرة القدم المصرية وفي مقدمتها ألتراس أهلاوي الذي اقتحمت مجموعة من أعضائه مران فريقهم معتدين بالضرب على لاعبي الفريق، اعتداءات أصيب على إثرها اللاعب عمرو جمال، ما دفع الأهلي إلى اتخاذ قرارات بوقف المران إلى أجل غير معلوم.
حادث شغب ألتراس أهلاوي الأخير، فتح ملفات شائكة حول مدى تقبل المجتمع وفي مقدمته الساسة ومن يمثلون الشعب من النواب ناهيك عن مشجعي الفريق من غير أعضاء الألتراس وهم كثر.
نعرض في السطور التالية على أسباب تنامي العنف والشغب في الملاعب المصرية ومن المسئول عن عدم احتواء هذه الظاهرة، وكذلك من المستفيد من عدم وضع وإقرار قانون موحد للرياضة طيلة سنوات عديدة، تقنن وضع روابط مشجعي الرياضة.
عامان ونصف مرا بضبابية شديدة على الرياضة المصرية، بسبب عدم إقرار قانون موحد جديد ينظمها، وتحديدًا منذ الأول من مارس 2014، بالتزامن مع تولي وزير الرياضة الحالي المهندس خالد عبد العزيز حقيبته الوزارية، عندما أكد في خطاب له موجه إلى اللجنة الأولمبية الدولية بعد توليه المنصب بأربعة أيام فقط أن الوزارة ستنتهي من وضع القانون الجديد خلال ستة أشهر، بيد أنه لم يقر حتى الآن، لكن الوزير الحالي ليس المسئول الأول عن تأخر وضع قانون موحد للرياضة، فقد وصل هذا الأمر إلى 10 سنوات، حيث ناقشه أكثر من وزير ووضع كل منهم بنودًا جديدة غير التي كان قد وضعها سابقوه لكن لم يقدمه أي منهم إلى البرلمان إلا مؤخرًا، ما عده كثير من المراقبين للشأن الرياضي وما شابه من أحداث عنف وشغب، سباباً رئيساً في تفشي هذه الظاهرة في البلاد، ناهيك عن ازدياد وتيرة الصراعات والنزاعات في الوسط الرياضي، الذي يعود بالأساس إلى عدم إنشاء محكمة رياضية تختص بالفصل في هذه المنازعات دون غيرها.
أما مجلس النواب، فقد ألقى آخرون اللوم عليه في عدم إدراجه قانون الرياضة الموحد على أجندته التشريعية لهذا العام، برغم وصول الصياغة النهائية له من جانب وزارة الرياضة، بحسب تصريحات لرئيس لجنة الشباب والرياضة بمجلس النواب محمد فرج عامر.
باحثون في علم الاجتماع أكدوا وجود علاقة قوية بين روابط الألتراس والسياسة، إذ تؤدي روابط المشجعين هذه أدوارًا في المظاهرات السياسية المختلفة، وهو ما يؤكد خضوعها لعمليات التمويل خاصة بها سواء كانت داخلية أو خارجية يصعب تحديدها بشكل دقيق، وهو ما تجلى بمحاولة سيطرة الإخوان على روابط الألتراس، من أجل الاستفادة من تنظيم هذه المجموعات الشبابية التي وصفت بأنها الأكثر تنظيمًا في ذلك الوقت.
الأمر نفسه فعله عدد من السياسيين حينما حاولوا استغلال روابط الألتراس خلال الانتخابات، لكن أيّاً من هذه الروابط لم تدعم مرشحاً معيّناً بشكل رسمي على أقل تقدير، فيما قام حزب الحرية والعدالة بتدشين أول ألتراس سياسي لدعم الرئيس المعزول محمد مرسي مستعيناً بأعضاء من ألتراس كرة القدم لتعليم شباب الإخوان تحركاتهم، ثم جاءت بعد ذل تشكيل روابط التراس سياسية وهي روابط لم تنجح في الشارع بشكل قوي حيث لم تضم سوى عشرات الشباب.
في حين لم تستطع جهات الدولة على اختلاف أنواعها على احتواء شباب الألتراس والاستفادة من حماستهم، رغم دعوة الرئيس عبد الفتاح السيسي لهم من أجل المشاركة في حفل افتتاح قناة السويس الجديدة.
باحثون أرجعوا أبرز أسباب تجاوزات روابط الألتراس على اختلاف أنواعها إلى كراهية أعضائها لأفراد الأمن كونهم يمثلون النظام الحاكم، إضافة إلى غياب الوعي المجتمعي لهؤلاء الشباب وعدم تحملهم المسؤولية تجاه الوطن وأمنه، مشددين على وجود تداخل شديد بين أفراد الألتراس الكروية بما يحملون من مستويات تعصب مختلفة وعناصر إجرامية وبلطجة، وهو ما يؤدي إلى تحريك الأحداث نحو العنف والشغب والتخريب.
ولمواجهة تنامي ظاهرة شغب الألتراس في الملاعب، دعت دراسات بحثية عديدة إلى ضرورة تبني سياسة قومية للتعامل مع مع هذه الظاهرة داخل المدرجات وخارجها، وتفعيل دور كل من وزارة التضامن الاجتماعي والإعلام ومن قبلهم الشباب والرياضة ناهيك عن المؤسسات الدينية، وتفعيل مبدأ الثواب والعقاب لجميع المشاركين في النشاط الرياضى عبر تشريعات قانونية صارمة تطبق على الجميع، تطبق إدارات الأندية عقوبات على اللاعبين والإداريين الذين يثيرون غضب الجماهير.