لم يكن غريباً على الاطلاق أن يُتوج النجم العربى الجزائرى رياض محرز، صانع ألعاب فريق ليستر سيتى، وأهم لاعبيه خلال الموسم الحالى، بلقب أفضل لاعب فى البريميرليج، بعدما قدم مستويات مذهلة طوال الموسم، وساهم بشكل رئيسى فى اعتلاء الثعالب صدارة البريميرليج، واقترابهم بشكل كبير للغاية، من تحقيق اللقب الأول فى تاريخهم.
محرز أدهش الجميع منذ بداية الموسم، وأعلن عن نفسه بقوة، من خلال الأهداف الرائعة التى سجلها، والتمريرات الحاسمة، التى صنعها لزملائه وأسفرت عن أهداف أخرى للفريق، ليصل مجموع ما سجله 17 هدفاً، إلى جانب صناعته 10 أهداف، ليكون مشاركاً فى 27 هدفاً بالمسابقة المحلية الأكثر قوة وإثارة فى عالم كرة القدم.
بداية غير مُبشرة
بالنظر لبدايات محرز مع كرة القدم، فلم يكن أحد يتوقع له على الإطلاق أن يصل لهذا الإنجاز الكبير، حيث كانت بداية مشواره مع كرة القدم، فى صفوف أندية مغمورة بفرنسا، ولم يلعب لأى نادٍ جزائرى.
عشق الجزائر منذ الطفولة
ولد محرز فى مدينة سارسيل الفرنسية فى 21 فبراير 1991، لأب جزائرى من مدينة بنى سنوس بولاية تلميسان، وأم من أصل جزائرى مغربى، وكان منذ صغره يحب قضاء إجازته فى الجزائر، وهم ما ساهم بعد ذلك فى تفضيله اللعب لمنتخب ثعالب الصحراء، رغم أنه بدأ مشواره الكروى وهو ابن 13 عاماً، مع نادى سارسيل بالمدينة التى ولد بها.
وفاة والده
وبعد عامين من انضمامه للفريق، توفى والد محرز إثر أزمة قلبية، وهو ما علق عليه اللاعب لاحقاً قائلاً: "لا أعلم إن كان ذلك تسبب فى أن أكون أكثر جدية أم لا.. ولكن بعد وفاة والدى كانت الأمور تسير معى بشكل جيد وكنت أتمنى أن تتحسن بشكل أكبر".
محرز يُزامل شقيق بوجبا فى كامبر
وفى عام 2009 بدأ محرز مسيرته الاحترافية رسمياً، بعدما انضم لفريق كامبر الذى ينافس فى دورى الدرجة الرابعة، ولعب معه 22 مباراة سجل خلالهم هدفين، وهى الفترة التى لعب خلالها إلى جوار الغينى ماتياس بوجبا، الشقيق الأكبر لبول بوجبا نجم يوفنتوس الإيطالى والمنتخب الفرنسى.
رفض سان جيرمان ومارسيليا من أجل لوهافر
انضم محرز بعد ذلك لصفوف فريق لوهافر، رغم أنه كان يمتلك عروضاً من عمالقة فرنسا، مثل باريس سان جيرمان ومارسيليا، ولكنه فضل اللعب مع الفريق الرديف للوهافر، قبل أن ينضم للفريق الأول، ويلعب معه فى دورى الدرجة الثانية الفرنسى، حيث خاض معه 57 ممباراة بكل البطولات، سجل خلالهم 10 أهداف، ولكنه انتقد طريقة اللعب فى فرنسا، لأنها تعتمد على التأمين الدفاعى، وتحاول الفرق أن تخرج من المباريات بالتعادل، كأقل الخسائر.
النقلة التاريخية لليستر سيتى
وفى يناير 2014 كانت النقلة التاريخية فى مسيرة محرز، والتى لم يكن يعرف وقتها أنها ستكون أفضل قرار اتخذه فى حياته، عندما انتقل لصفوف ليستر سيتى، ولعب معه فى دورى الدرجة الأولى "تشابيونشيب"، وساهم فى تتويجه باللقب، وتأهله للبريميرليج، بعد 10 أعوام من هبوطه.
صراع مع الهبوط فى أول موسم
الموسم الأول فى البريميرليج، لم يكن مفروشاً بالورود، حيث عانى الفريق كثيراً، وظل يُصارع الهبوط حتى الأسابيع الأخيرة، إلى تمكن من احتلال المركز الـ 14، وخاض محرز فى هذا الموسم 30 مباراة سجل خلالها 4 أهداف، كان أولهم فى شباك بيرنلى فى أكتوبر 2014.
محرز وليستر يفاجئان العالم
وقبل بداية الموسم الحالى وقع محرز على عقد جديد لمدة 4 أعوام، ويبدو أن ذلك كان "وش السعد" عليه وعلى الفريق، الذى أذهل العالم أجمع، وحقق انطلاقة قوية للغاية منذ بداية الدورى، واحتل مراكز متقدمة فى جدول الترتيب، إلى أن انقض على الصدارة، بفضل تألق النجم الجزائرى، وزميله جيمى فاردى، حيث شكلا ثنائياً خطيراً، أصبح مصدر ازعاج لجميع أندية البريميرليج.
ارتفاع خيالى فى قيمته التسويقية
ونجح محرز فى تسجيل ثلاثة أهداف فى شباك سوانسى سيتى خلال مباراة الفريقين بالدور الأول، ليكون أول لاعب جزائرى يسجل "هاتريك" فى المسابقة الإنجليزية، قبل أن يواصل تألقه ويسجل المزيد من الأهداف، وهو ما ساهم فى زيادة قيمته التسويقية بشكل خيالى، من 4.5 إلى 30 مليون جنيه إسترلينى، ليكون ضمن أكثر 50 لاعب قيمة فى أوروبا.
شعبية محرز وصالون الحلاقة الجزائرى
المثير أن شعبية محرز ازدادت بشكل كبير جداً، حتى أن بعض عشاقه من بلجيكا، كانوا يذهبون إلى صالون الحلاقة الذى كان يتردد عليه اللاعب منذ طفولته، رغبة منهم فى قص شعرهم على طريقة محرز.
ماذا قدم لثعالب الصحراء
وعلى المستوى الدولى شارك محرز فى 24 مباراة مع منتخب الجزائر، سجل خلالهم 4 أهداف، وكان أحد أعضائه فى كأس العالم 2014، وساهم أيضاً فى اقترابه من التأهل لكأس الأمم الإفريقية 2017 بالجابون، ليُساهم ذلك أيضاً فى نيله لقب أفضل لاعب بالبلاد، من قِبل صحيفة "الهداف" الجزائرية، وهى الجائزة التى سلهما له محمد أبو تريكة، أسطورة الكرة المصرية.
ابن الصحراء يتفوق على وحوش إفريقيا
وبعد العروض الرائعة التى قدمها محرز طوال الموسم، كان من الطبيعى أن يحتل مكاناً بالتشكيلة المثالية للبريميرليج، قبل أن يُتوج بلقب أفضل لاعب فى الموسم، ليكون أول لاعب عربى وإفريقى، يحقق هذا الإنجاز الغير مسبوق، متفوقاً على عدد كبير من النجوم الأفارقة الذين أمثال ديديه دروجبا، نوانكو كانو، ويايا توريه، وغيرهم من اللاعبين الكبار الذين لم يصلوا تماماً إلى ما وصل ابن الصحراء.