أعلنت المملكة العربية السعودية عن أكبر مشروع رياضي لاكتشاف وتطوير المواهب الرياضية في كل الألعاب عبر مؤتمر أقيم في العاصمة الرياض برعاية وزير الرياضة عبد العزيز بن تركي الفيصل.
وحضر المؤتمر شخصيات عامة من رياضيين ومثقفين وأكاديميين، وبمباركة جياني إنفانتينو رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم، والمدرب البرتغالي الشهير جوزيه مورينيو، وإدوين فان دير سار الرئيس التنفيذي لنادي أياكس الهولندي.
المشروع الجديد الذي جاء تحت مسمى أكاديمية "مهد" يهدف إلى تصنيف السعودية كمرجع عالمي في اكتشاف وتطوير المواهب مع تصدير أفضل الممارسات الرياضية حول العالم، وبناء منظومة اجتماعية راقية تزرع روح التحدي في نفوس الصغار من الجنسين.
وذلك بالتزامن مع إطلاق السعودية سابقا لمشروعات ضخمة مثل نيوم والقدية والعلا والبحر الأحمر وأمالا في ظل رؤية المملكة 2030 بقيادة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان.
ويأتي مشروع أكاديمية مهد، ضمن سلسلة من التطورات اللافتة التي تشهدها السعودية بينها استضافة كبرى البطولات العالمية الرياضية وإقامة حفلات ترفيهية وغنائية بصبغة عالمية في مختلف المدن السعودية بمشاركة صفوة مشاهير الفن عالميا مثل الموسيقار ياني، وديفيد غيتا، وستيف آيوكي، ومارتن جاريكس، وبلاك كوفيوفي.
هذا بجانب تحول السعودية إلى بقعة جاذبة للمسافرين والسياح عبر فتح التأشيرات السياحية لزوار السعودية من 51 دولة حول العالم، وتسعى المملكة لاستقطاب 100 مليون سائح في الفترات المقبلة ضمن رؤية 2030 من أجل إظهار الوجه الحقيقي لأرض السلام والإنسانية.
وستكون أكاديمية مهد واحدة من أضخم الأكاديميات الرياضية حول العالم، إذ تهدف إلى صناعة جيل جديد من الأبطال الرياضيين السعوديين على مدار السنوات المقبلة، في كبرى المحافل الإقليمية والقارية والعالمية.
وذلك على غرار كأس العالم ودورة الألعاب الأولمبية، ضمن مختلف الألعاب الفردية والجماعية، مثل كرة القدم وكرة السلة وكرة اليد وألعاب القوى ورفع الأثقال والسباحة والجوجيتسو والكاراتيه والجودو والجمباز والتجديف والريشة الطائرة وغيرها.
وشهدت المملكة نقلة غير مسبوقة في المجال الرياضي، تجلت في الاهتمام الإعلامي العالمي للأحداث الرياضية الكبرى التي استضافتها البلاد، منها رالي داكار، فورمولا إي، بطولة العالم للملاكمة في الوزن الثقيل، بطولة الشطرنج وغيرها من البطولات، والآن تستعد لمرحلة جني الثمار.".
واستقطبت السعودية ألمع فرق ومنتخبات الكوكب في الآونة الأخيرة، بما في ذلك الدورة الرباعية الودية بمشاركة البرازيل والأرجنتين، بجانب تنظيم بطولات عربية مثل بطولة كأس العرب للشباب 2020 .
مرحلة جني الثمار التي بدأتها السعودية تشمل التعاون الوثيق مع الدول أصحاب التاريخ في المجال الرياضي خاصة كرة القدم، وأبرز تلك الدول مصر التي تتمتع بتاريخ طويل من المواجهات الرياضية.
وبدأت المواجهات الرياضية بين مصر والسعودية عام 1961 ضمن منافسات دورة الألعاب العربية وفازت فيها مصر، وصولًا للمباراة التي جمعتهما بكأس العالم بروسيا 2018 والتي انتهت لصالح السعودية بهدفين مقابل هدف، مرورًا بمواجهات كثيرة في كافة الألعاب.
ويعد التعاون الرياضي بين مصر والسعودية استكمالًا لمنظومة العلاقات الراسخة والمتميزة بين البلدين على كافة المستويات منذ عقود طويلة، فعلى المستوى السياسي بدأت العلاقات بين البلدين في عام 1926 بتوقيع اتفاقية الصداقة التي على إثرها أيدت الرياض مطالب مصر بجلاء الاحتلال البريطاني وقتها.
واستمر التعاون في كافة المواقف، بداية من اللقاء الشهير بين الملك عبد العزيز آل سعود والملك فاروق ملك مصر عام 1945، ودعم السعودية لمصر ضد العدوان الثلاثي في 1956 وتقديم 100 مليون دولار لبناء السد العالي إثر الانحساب الأمريكي من تمويل السد.
كما تشمل المواقف الدعم الكامل للقاهرة بعد هزيمة يونيو 1967، والمساهمة في إعادة بناء الجيش المصري وموقفها المساند في حرب 1973.
وفي السنوات الأخيرة، دعمت السعودية جيش مصر للانتقال السلمي بعد أحداث 25 يناير2011 ، وقدمت 5 مليارات دولار دعما للمصريين بعد تنصيب الرئيس السيسي 2013.
وبعد أن أصبح الأمير محمد بن سلمان وليًا للعهد ومع ثورة المصريين في 30 يونيو ضد تنظيم الإخوان الإرهابي، توطدت العلاقات المصرية السعودية أكثر من خلال التحالف العربي الذي أصبح حائط الصد أمام الإرهابيين والمتآمرن على الوطن العربي.
وفي ظل تنسيق المواقف استطاع البلدين قيادة العالم العربي في تلك الأوقات الحرجة بما تمثله السعودية من ثقل ديني وعالمي ، وما تمثله مصر من موقع فريد ومكانة تاريخية، ليشكل البلدان صمام الأمان للعالمين العربي والإسلامي.
التاريخ الممتد والزيارات التي لم تتوقف بين زعماء البلدين، انصبت على التعاون الاقتصادي، فالسعودية في صدارة الدول في حجم التجارة مع مصر، وحتى عام 2019 بلغ حجم الاستثمارات السعودية في مصر 54 مليار دولار.
هذا بجانب أكثر من 5 آلاف شركة سعودية تعمل في القاهرة بكافة المجالات، ويمثل مشروع نيوم الضخم الذي تم إطلاقه في 2017 بقيادة ولي العهد السعودي سمو الأمير محمد بن سلمان قمة هذا التعاون بجعل المشروع الذي تشترك فيه مصر مع السعودية قبلة عالمية، ليبشر المستقبل بتعاون أوثق وريادة عربية على المستوى العالمي.
بالإضافة لذلك نفذت السعودية مشروع سياحي في مدينة 6 أكتوبر بقيمة 420 مليون دولار في 2014، وإنشاء محطتي لتوليد الكهرباء والصادرات إلى مصر بمبلغ 350 مليون دولار، كما ساهمت الرياض في استقرار الاقتصاد المصري من خلال ودائع تقدر بحوالى 8 مليارات دولار، بجانب إنشاء صندوق استثماري لمشروع قناة السويس بمشاركة 14 رجال أعمال سعودي.