مفارقة غريبة جدا سنجدها عند كل من قدموا أدوار الشر في السينما أو كما نلقبهم ملوك الشر في أفلام الأبيض والأسود، وهي أن أغلبهم كانوا من أطيب خلق الله ومسالمين جدا وأصحاب قلوب رحيمة، بعيدا عن الشاشة، بل إن بعضهم كان يخاف من " الضلمة " ومن القطط السوداء، وكذلك من الأماكن الشاهقة، وفي السطور التالية حكايات وأسرار في حياة ملوك الشر .
لو تحدثنا عن الشر فلا بد أن نذكر في البداية محمود المليجى "الشرير الطيب"، فمن كان يعرف محمود الميلجى جيدًا لم يكن يتحدث سوى عن أدبه وأخلاقه وطيبته، ولم يكن يتوقع أحد أن هذا الشخص الطيب الذي يجلس أمامه هو أحد أهم أشرار السينما المصرية، وفي أحد لقاءاته ذكر المليجي أنه يخاف جدا من الظلام ولا يجلس مطلقا في مكان " ضلمة " أو يسير في شارع به ظلام، وحتي أثناء نومه لابد أن يكون بجواره ضوء حتى ولو خافت .
من نجمات الشر أيضا الفنانة نجمة إبراهيم والملقبة بملكة مملكة الشر الخالص بملامحها وعينيها وصوتها، والتي قدمت دور " ريا " في الفيلم الشهير " ريا وسكينة "، وجميعنا نتذكر مقولتها الشهيرة في ذلك الفيلم "الولية وأنا بخنقها عضتني، تقولش عدوتها"، وهذه الفنانة كانت في بدايتها تقدم أدوار الفتاة الجميلة المبهرة وقامت بتقديم شخصية " غادة الكاميليا " ثم تحولت فيما بعد لأيقونة الشر في السينما، وهي ايضا من أطيب القلوب في تعاملاتها وفي حديث إذاعي لها سألها المحاور ممن تخاف نجمة إبراهيم فكانت إجابتها : بخاف جدا من القطة السودا .
الفنان توفيق الدقن الذي قدم أيضا سلسلة من أدوار الشر كان من أكثر نجوم الوسط طيبة، بل إنه كان يتمتع بخفة دم كبيرة جدا وكان مصدر خوفه الأماكن المرتفعة والمغلقة، ونفس الأمر للفنان عادل أدهم الذي تخصص في أدوار الشر ومن نجومها الكبار فقد كانت تحدث له " خنقة " شديدة من كل ما هو مرتفع ومغلق .
زكي رستم هو أحد أقطاب الشر في السينما المصرية ولكنه له مدرسة خاصة في الشر، فمدرسته معتمدة على أدوار الشر الاجتماعية فهو الأب المتسلط الذي يسعى للسيطرة على أبنائه، أو هو الرجل الارستقراطى الذي يسعى لحرمان ابنته من أن تتزوج من حبيبها الفقير، أو الزوج العنيف المتسلط وغيره من الشر الاجتماعى الذي برع فيه الفنان القديروكان أول من قدمه على شاشة السينما فهو له السبق فيه، وبرغم ذلك كله كان خجولا جدا ومنطويا ولم يتزوج وكان يعشق الوحدة والجلوس بمفرده .
نجوم الشر في السينما جميعهم كانوا من اطيب خلق الله وكانوا يسعون للخير ويتمتعون بقلوب عامرة بالحب ولكن براعتهم في التمثيل كانت تظهرهم عكس حقيقتهم، وهذه هي العبقرية.