كان للفن دور كبير فى تجسيد فرحة نصر أكتوبر وبث الحماس فى نفوس المواطنين ونقل تفاصيل أحداث العبور والانتصار وفرحة الجنود وتضحياتهم ، وعبر الفنانون عن هذه المشاعر وعن فرحة الجيش والشعب وعن صبر السنوات حتى تحقق النصر من خلال الأغانى والأعمال الفنية والدرامية والسينمائية التى لولاها ما عرف الناس أحداثا وتفاصيل كثيرة عن أحد أهم الأحدث الفارقة فى تاريخ مصر والأمة العربية.
ورغم دور الفن فى أوقات الحرب وحرص الفنانين والمشاهير على الوقوف إلى جانب الجيش خلال هذه الأحداث الحاسمة بأعمالهم الفنية ، إلا أن الكثيرين منهم لم يكتفوا بهذا القدر وتجاوز عطائهم حدود الأعمال الفنية والغناء والتمثيل ، فشاركوا بالروح والدم والجسد أو ضحوا بأعز الأحباب فداء لتراب الوطن وتحرير أراضيه، ومن بين هؤلاء الفنانين الفنانة الكبيرة تحية كاريوكا.
كانت كاريوكا معروفة بجرأتها ومواقفها الوطنية العديدة منذ بداياتها وفى كل مراحل حياتها ، حتى أنها كانت فى أوقات كثيرة على استعداد للتضحية بحياتها بسبب هذه المواقف.
فبعد شهرتها وقبل قيام ثورة يوليو 1952 ساعدت كاريوكا الفدائيين على مقاومة الاحتلال الانجليزى ، وقامت بتهريب الأسلحة لهم فى سيارتها إلى الاسماعيلية.
وعن هذه الفترة فى حياة كاريوكا قال المخرج جميل المغازى فى أحد اللقاءات أن هناك منطقة فى الاسماعيلية معروفة باسم تل كاريوكا كانت تقوم فيها تحية بتسليم الأسلحة للفدائيين.
كما ساعدت كاريوكا السادات على الهرب وخبأته فى مزرعة أقاربها بالاسماعيلية ، وحكت عن هذه الواقعة قائلة :" أنا هربت السادات لأنهم قالوا قتلوا أمين عثمان قلت فى داهية عقبال الباقى، وقلت لهم أنا ممكن أعمل أى حاجة ".
وبعد ثورة 1952 شاركت كاريوكا فى قطار الرحمة لجمع التبرعات ، ولكن رغم مواقفها البطولية تعرضت كاريوكا للسجن عام 1953 بعد زواجها من مصطفى كمال صدقى أحد الضباط الأحرار الذى انشق عليهم ، ووجهت لها تهمة الترويج لمبادئ هدامة وتوزيع منشورات تم العثور عليها فى شقتها، وقضت كاريوكا ما يقرب من 100 يوم فى السجن، وكان زملاءها يقفون أمام السجن لدعمها ومساندتها والمطالبة بالإفراج عنها.
و تم الإفراج عن تحية كاريوكا بعد اعتراف زوجها بأنها لم تكن تعلم شيئا عن المنشورات، وبعد خروجها استكملت مسيرتها فى التمثيل والتألق وجمعت التبرعات للمجهود الحربى وتبرعت بمجوهراتها، كما جمعت التبرعات للجيش بعد نكسة يونيو 1967، وكان لها دور بارز فى حرب أكتوبر سواء فى جمع التبرعات أو مع الهلال الأحمر وفى مستشفى القصر العينى، حيث أقامت لشهور بعنبر 21 لخدمة الجرحى والمصابين.