كان للفن دور كبير فى تجسيد فرحة نصر أكتوبر وبث الحماس فى نفوس المواطنين ونقل تفاصيل أحداث العبور والانتصار وفرحة الجنود وتضحياتهم، وعبر الفنانون عن هذه المشاعر وعن فرحة الجيش والشعب وعن صبر السنوات حتى تحقق النصر من خلال الأغانى والأعمال الفنية والدرامية والسينمائية التى لولاها ما عرف الناس أحداثا وتفاصيل كثيرة عن أحد أهم الأحدث الفارقة فى تاريخ مصر والأمة العربية.
ورغم دور الفن فى أوقات الحرب وحرص الفنانين والمشاهير على الوقوف إلى جانب الجيش خلال هذه الأحداث الحاسمة بأعمالهم الفنية ، إلا أن الكثيرين منهم لم يكتفوا بهذا القدر وتجاوز عطائهم حدود الأعمال الفنية والغناء والتمثيل ، فشاركوا بالروح والدم والجسد أو ضحوا بأعز الأحباب فداء لتراب الوطن وتحرير أراضيه، ومن بين هؤلاء الفنانين الفنان الكبير حسن عابدين.
لا يعرف الكثيرون الجانب النضالى فى حياة حسن عابدين والذى بدأه قبل أن يكمل سن 17 عاما عندما سافر عام 1948 إلى فلسطين لينضم إلى المقاومة ضد الصهاينة وبالفعل قتل اثنين منهم وحكم عليه بالإعدام.
وعن هذا الجانب تحدث ابنه خالد حسن عابدين، فى حوار لـ "انفراد" قائلا :" سافر والدى سرًا إلى فلسطين ولم يكن عمره تجاوز 17 عاما ، دون أن يخبر أحدًا من عائلته، حيث كان يتمتع منذ طفولته بحس وطنى وقومى وعروبى".
وتابع:"كان أبى سافر إلى الإسماعيلية قبل سفره لفلسطين مع مجموعة من الفدائيين المتطوعين وتلقوا تدريبات على يد قيادات الجيش المصرى، وفى فلسطين شاهد أهوالا أكبر من سنه، فكان يرى الجثث والأشلاء وينام بينها".
يحكى الابن عن هذه الأهوال قائلا:" كان أبى يمشى فى إحدى المرات مع صديقه فى شوارع غزة، وسأله «ياترى غزة بعد 50 سنة هيكون شكلها إيه»، وقبل أن يكمل الجملة انفجر لغم وسقط والدى دون أن يصاب بخدش بينما تمزق صديقه إلى أشلاء".
وأوضح خالد حسن عابدين :"ظل أبى يشارك فى الأعمال الفدائية فى فلسطين لمدة عامين، واشترك وزملاؤه فى قتل اثنين من العصابات الصهونية، وألقى القبض عليه مع 4 من رفاقه وتمت محاكمتهم فى بلدية حيفا وحكم عليهم بالإعدام، ولكنه أفلت بعدما دخل شاب قاعة المحكمة وهدد بتفجيرها إذا لم يتم الإفراج عن المتهمين ومنهم أبى وبالفعل تم إخلاء سبيلهم وهربوا إلى مصر".
وبعد ثورة 1952 انضم الفنان حسن عابدين للمسرح العسكرى، الذى ضم معظم نجوم مصر وقتها، وبعد ذلك التحق بفرقة يوسف وهبى ونشأت بينهما صداقة".
ولم تقتصر تضحيات حسن عابدين على نضاله فى حرب 48 ولكنه ينتمى إلى أسرة قدمت أكثر من محارب وبطل وعن ذلك قال ابنه:" أبى صعيدى ينتمى لمحافظة بنى سويف ، وكان والده أمى لا يقرأ ولا يكتب ولكنه كان شخصية قوية ومهيبة من أعيان المحافظة، وتزوج جدى مرة واحدة وأنجب 15 ابنا وابنة، ووالدى ترتيبه الرابع بين إخوته، وتوفى شقيقه الأكبر أثناء دراسته بكلية الشرطة، وله أخ مستشار وأخ مهندس زراعى ورابع لواء مهندس شارك فى حرب أكتوبر، وشقيقه الأصغر ممدوح كان ضابط احتياط، واستشهد فى حرب 73".
ويكمل الابن قائلا: "شارك عمى ممدوح وهو الشقيق الاصغر لأبى وكان يعتبره بمثابة ابنه فى حرب أكتوبر، ولأول مرة أرى دموع أبى عندما تلقى خبر استشهاد شقيقه ، الذى كان شابا جميلا يستعد للزواج، وبعد وفاته ظلت خطيبته تزور شقة الزوجية كل أسبوع حتى توفت ولم تتزوج بعده".
وتابع الابن: "كان والدى فخورا بشقيقه الشهيد حتى أنه ذكر اسمه بعدما اندمج فى مسرحية على الرصيف، وقال فى أحد مشاهده بالمسرحية: «الإسرائيليين قتلوا أخويا ممدوح»، وكانت علاقة العداء مع إسرائيل متأصلة عند والدى منذ صباه وحتى وفاته.