تحل اليوم ذكرى وفاة صانع السعادة وعبقرى الموسيقى الراحل محمد فوزى، الذى غادر عالمنا بجسده فى مثل هذا اليوم الموافق 20 أكتوبر من عام 1966، ورغم رحيله منذ 53 عاما إلا أنه بقى بفنه وسيبقى إلى الأبد بعدما قدم أروع الأغانى الدينية والعاطفية والوطنية وأغانى الأطفال، وكان مجددا فى الموسيقى حتى وصلت ألحانه للعالمية.
فوزى الذى زار الدنيا سنوات قليلة لم تتجاوز 48 عاما، كان سابق عصره وعصورا بعده، وخلد اسمه ليبقى بيننا رغم الغياب باقيا رغم الرحيل، تعشقه كل الأجيال .
عبقرى التلحين والغناء محمد فوزى الذى أبدع فى كل ما غنى ولحن، لا تصدق أن من لحن وغنى «وطنى أحببتك يا وطنى حبا لله وللأبد» هو نفسه من جعل كل الأطفال يرددون «ماما زمانها جاية، وذهب الليل»، وغنى للمحبين «تملى فى قلبى يا حبيبى، وحبيبى وعنيا، ومال القمر ماله، وتعب الهوى قلبى"، وقدم أجمل الدويتوهات ومنها " شحات الغرام، روميو وجوليت" ، كما قدم أجمل الألحان لزملائه من عمالقة الطرب ومنهم محمد عبدالمطلب وشادية وصباح وفايزة أحمد وغيرهم.
إبداعات وروائع لا تعد ولا تحصى لفنان فوق العادة، عبقرى استطاع أن يلحن حتى بدون آلات موسيقية، فيكفى أن تسمع أغنية «كلمنى طمنى» التى لحنها فوزى دون أى آلة موسيقية وتحدى فيها نفسه لتكون أول لحن فى التاريخ ولعله اللحن الوحيد الذى استبدل أصوات الآلات بأصوات البشر.
ولم تقتصر عبقرية فوزى فى الغناء الوطنى على رائعته الوطنية التى ترددت فى أوقات المحن والشدائد والنصر «وطنى أحببتك ياوطنى حبا فى الله وللأبد»، ولكنه قدم أهم الألحان الوطنية للجزائر الشقيق ولحن من أشعار مجاهدى الثورة الجزائرية السجناء ومنهم الشاعر مفدى زكريا النشيد الوطنى للجزائر الذى يتردد حتى الآن، لذلك أمر الرئيس الجزائرى عبدالعزيز بوتفليقة بإطلاق اسمه على المعهد الوطنى العالى للموسيقى بالجزائر، فضلا عن منحه «وسام الاستحقاق الوطنى» بعد وفاته.
لم يكن طريق العبقرى خفيف الظل محمد فوزى عبدالعال الحو، الذى ولد فى 15 أغسطس 1918 فى قرية كفر أبو جندى بمركز قطور محافظة الغربية، مفروشا بالورود ولكنه عانى من الفقر بسبب حبه للفن هذا الجميل العبقرى ، فهو الابن الحادى والعشرين من أصل خمسة وعشرين ولداً وبنتاً، منهم المطربة هدى سلطان، عشق الفن والموسيقى منذ صغره وتعلم أصولها على يد محمد الخربتلى أحد أصدقاء والده، الذى كان يصحبه للغناء فى الموالد والليالى والأفراح، وهجر بلدته الصغيرة وجاء إلى القاهرة هائما فى عشق الموسيقى رغم رفض والده، و تنقل بين الملاهى والفرق حتى وصل إلى صالة بديعة مصابنى، وهناك تعرف على فريد الأطرش، ومحمد عبد المطلب، ومحمود الشريف، واشترك معهم فى تلحين الاسكتشات والاستعراضات.
وتقدم فوزى إلى امتحان الإذاعة ونجح ملحنا بينما رسب كمطرب، وتعرض لعدد من الإحباطات فى بداية حياته، حتى سنحت له الفرصة للتمثيل فى أول أدواره عندما ساعدته الفنانة عقيلة راتب للمشاركة معها ومع العملاق يوسف وهبى فى فيلم «سيف الجلاد»، وظهر فوزى فى هذا الفيلم لأول مرة دون أن يغنى، وبعدها عرفت عقيلة راتب بمواهبه فى التلحين والغناء فرشحته أمامها لبطولة فيلم «عروس البحر»، وغنى معها فوزى أول دويتو فى حياته فى أغنية «صيد العصارى»، وقام بتلحين أغانى الفيلم.
وخلال ثلاث سنوات استطاع فوزى التربع على عرش السينما الغنائية والاستعراضية، وقام ببطولة عشرات الأفلام، وأسس شركة للإنتاج السينمائى، وأذيعت أغانيه فى الإذاعة التى رفضت إجازته من قبل، وفرض نجاحه عليها بأغانيه المتنوعة التى حققت جماهيرية واسعة.