انتشر فى الفترة الأخيرة الجدل والغضب بسبب البذاءة التى انتشرت فى الكثير من الأغانى المتداولة وخاصة الأغانى الشعبية، وفى محاولة من البعض لاسترجاع ما كان عليه زمن الغناء الجميل تداولوا معلومة تشير إلى أن الإذاعة منعت أغنية "ماقال لى وقلت له" للموسيقار والفنان الكبير فريد الأطرش بسبب عبارة " يا عوازل فلفلوا"، واعتبرت أن هذا التعبير الشعبى الدارج غير مناسب وغير لائق ولا يتناسب مع الذوق العام، وأن النحاس باشا عاتب الموسيقار فريد الأطرش على هذه الأغنية وتلك الكلمات التى كتبها أبو السعود الإبيارى، فما حقيقة هذه المعلومة وهل بالفعل تم منع هذه الأغنية لهذه الأسباب أم أن هناك أساب أخرى لمنعها.
تحدثنا مع المؤرخ الفنى نعيم المأمون جامع تراث الفنان فريد الأطرش والباحث فى سيرته، لتوضيح الأسباب الحقيقية لمنع هذه الأغنية.
وقال المأمون إنه فى عام 1950 تمّ إنتاج فيلم آخر كذبة بطولة فريد الأطرش وسامية جمال ، وكانت هذه الأغنيّة ضمن أحداث الفيلم وكتب كلماتها أبو السّعود الأبياريّ، ورفضت الإذاعة المصريّة هذه الأغنيّة لأنّ بها عبارة: "ياعوازل فلفلوا" وهو تعبير شعبيّ دارج في مصر.
وأكد المؤرخ الفنى أن بعض الأقلام المغرضة، الّتي تعوّدت الاصطياد في المياه العكرة أرادت مع سبق الإصرار وبسوء نيّة إعادة إنتاج هذه «الحكاية» وفق هواها ، للإساءة إلى الفنان فريد الأطرش وللكاتب أبو السعود الإبيارى، والزعم بأن الإذاعة اعتبرت هذه العبارة بذيئة وهابطة ولا يصح إذاعة الأغنية بسببها ، مؤكدا أن معظم المونولوجات وقتها كانت تحوي عبارات مشابهة ولم يتمّ منعها.
وأوضح جامع تراث الموسيقار فريد الأطرش إلى أن الفنان الكبير كانت تجمعه علاقات وطيدة مع ساسة وزعماء مصر والعالم العربيّ، لكنّ هذه العلاقة لم تكن على ما يرام خلال العهد الملكيّ فى مصر، لدرجة دفعت الزّعيم الوفديّ ورئيس وزراء مصر مصطفى النّحّاس إلى التّدخّل لمنع إذاعة هذه الأغنية.
وقال نعيم المأمون :"بعيداً عن الأسباب الّتي ذكرتها الصّحف آنذاك من جرأة كلمات الأغنيّة وأنها لا تتوافق مع أخلاق وقيم المجتمع، فإن الكثير من المصادر أشارت إلى سبب آخر يكمن وراء هذا المنع، يتعلق بالمكايدة والمناكفات السّياسيّة بين النّحّاس باشا وعليّ باشا ماهر، الذى كان رئيسا للوزراء في عهد الملك فاروق، وكان تشكيل الوزارة في مصر محصوراً بين الشخصيتين."
وتابع:"انطلقت أغنيّة فريد الأطرش يا عواذل فلفلوا في الوقت الّذي تشكّلت فيه الوزارة الثّالثة للنّحّاس باشا في عهد الملك فاروق عام 1950 ، ووقتها لم تكن زيارات عليّ باشا ماهر تنقطع عن قصر عابدين للقاء الملك ، وهو ما أثار حفيظة غريمه السّياسيّ مصطفى النّحّاس، الذى اتهمه بتأليب الملك على الحكومة، وفي كلّ مرّة يتمّ اللّقاء بين عليّ ماهر والملك، تذاع هذه أغنية "يا عوازل فلفلوا" ، فأوعز البعض للنحاس باشا بأنه يتم إذاعتها نكاية فيه".
وأضاف المؤرخ الفنى أنه لذلك قرر النحاس باشا منع الأغنيّة، لإيقاف هذه المكايدة و المناكفة السّياسيّة الّتي يظهرها ماهر مع كلّ مرّة يلتقي فيها بالملك فاروق ، مشيرا إلى أنه رغم المنع فقد نجحت الأغنيّة نجاحا كبيرا ، وحقق فيلم "آخر كدبة" إيرادات كبيرة، ليبقى الموسيقار فريد الطرش متربعا على عرش الفيلم الغنائى الاستعراضى.