أضحكنا واحتفظ بالأحزان لنفسه وأسرته، أمتعنا وأمتع الملايين ببرائته وفنه وفطرته وأدائه التلقائى، نضحك ونحن نرى الواد منصور ابن الناظر "اللى مابيجمعش" فى مدرسة المشاغبين وهو يهتف «أبويا اتحرق»، وحين تتوه منه الكلمات ويقول "والله العظيم الجدع ده بيقول حاجات غريبة، إنجليزى ده يامرسى"، لا نمل حين نرى عاطف السكرى عشرات المرات، وكأننا نراه للمرة الأولى يردد «جاموسة راحت تقابل جاموسة»، أو حين تستدرجه الأم لتعرف منه ما يخفيه الأبناء بعد أن تعده بالهريسة، ومهما كبرنا ننجذب وننصت وننتبه حين نرى بوجى فى مسلسل الأطفال الشهير "بوجى وطمطم".
هكذا رسم الفنان الراحل يونس شلبى الذى تحل ذكرى وفاته اليوم ، حيث رحل عن عالمنا فى 12 نوفمبر عام 2007 البسمة على وجوه الملايين من كل الأعمار والأجيال، وقد لا يعرف الكثيرون أن الضاحك البرئ عاش أحزانا وآلاما كثيرة منذ طفولته وحتى وفاته أخفاها طوال حياته حتى لا نرى منه إلا ما يسعدنا ويبهجنا.
وفى تصريحات خاصة لـ "انفراد" تحدثت أرملة الفنان الراحل يونس شلبى عن طفولة وحياة زوجها الراحل والأحزان التى عاشها منذ طفولته وأخفاها عن جمهوره.
حيث ولد يونس شلبى بمدينة المنصورة فى 30 مايو عام 1941، وكان والده تاجرا كبيرا فى بورصة القطن وفرح فرحا ً كبيراً بمولد ابنه يونس حيث كان يتمنى أن يكون له ولد بعدما أنجب بنتين، ولكن لم تكتمل سعادة الأب بابنه و خسر أمواله فى البورصة ومات حزناً.
ترك الأب زوجة شابة فى رقبتها ابنتان فى عمر 17 ، 15 عاما وطفل لم يتجاوز عمره 3 سنوات، و ذاق الضاحك البرىء يونس شلبى اليتم وعمره 3 سنوات، وعاش مع والدته التى تعلق بها تعلقا كبيرا بعد زواج شقيقتيه .
وبعد حصوله على الثانوية العامة فى المنصورة انتقلت معه والدته ليعيشا بالقاهرة بعد التحاقه بكلية التجارة جامعة عين شمس، وكانت مواهبه الفنية ظهرت فى فرق التمثيل بالمدرسة والجامعة.
كان الفنان يونس شلبى يعمل خلال فترة دراسته الجامعية فى الحسابات بمستشفى أبوالريش وبجامعة عين شمس، لينفق على نفسه ويساعد والدته على أعباء الحياة.
وبعد حصوله على بكالوريوس التجارة التحق بمعهد الفنون المسرحية وتعرف على حسن مصطفى وعادل إمام وسعيد صالح وأحمد زكى وهادى الجيار وبدأ مشوار الفن، فكان عادل إمام وسعيد صالح قادة المجموعة وأكبر منه فى السن، وشارك يونس فى بدايته بأدوار صغيرة فى بعض الأفلام، ولكن بدأت شهرته مع مدرسة المشاغبين أوائل السبعينيات، وبعدها اشترى شقة تمليك وعاش فيها مع والدته وبدأت رحلة تألقه
شارك يونس شلبى فى العديد من المسرحيات ومنها :"الصول والحرامى ، فلاح فى مدرسة البنات، حاول تفهم ياغبى، ليلة من ألف ليلة، قصة الحى الغربى" والعديد من الأفلام، ومنها:" احنا بتوع الأتوبيس، بمبة كشر ، شفيقة ومتولى ، مخيمر دايما جاهز ، ريا وسكينة ،العسكرى شبراوى، رجل فى سجن النساء ،نعيمة فاكهة محرمة، محطة الأنس ، المخبر، عليش دخل الجيش ، الشاويش حسن، وغيرها"، وشارك فى العديد من المسلسلات ، ومنها:"عيون ، وكسبنا القضية، مطلوب عروسة، أحلام مؤجلة ، وغيرها «
وعن معاناته مع المرض قالت أرملته :"يونس كان بيعانى من مرض السكر وعمره 30 سنة، وفى عام 1994 أثناء عرض مسرحية فلاح فى مدرسة البنات بدأت تظهر عليه مضاعفات السكر، فأصيب بغرغرينة فى إصبع قدمه، وأزمات بسبب ضيق الشرايين، وأجرى أكثر من جراحة زرع شرايين فى ساقيه، ومنها جراحة فى لندن تكلفت 50 ألف دولار، وفى عام 1995 ماتت أمه فكانت أكبر أزمة فى حياته ، ويوم وفاتها صرخ، شرايينى ماتت معاكى يا أمى، وفعلا بعدها تدهورت حالته الصحية والنفسية، وأصيب بجلطات فى القلب والمخ وأجرى عمليتين قلب مفتوح وأنفق مبالغ كبيرة على العلاج والعمليات، كانت النقابة بتساعد لكن أغلب التكلفة من ماله الخاص".
عاش الضاحك البرئ ظروفا صعبة بعد مرضه الذى أنفق على علاجه كل ما يملك ، ورغم ذلك ظل يعمل حتى أخر أيام حياته وبعد إصابته بالشلل نصفى وجلطة فى المخ حتى ينفق على مرضه وأطفاله الستة الذين توفى وتركهم من بعده يعانون حياة صعبة بمعاش لا يتجاوز 2500 جنيه.
رحم الله يونس شلبى الضاحك البرئ الذى أسعد الملايين وتجرع وحده مع أسرته مرار الحزن والمرض.