جميلة رقيقة ساحرة تشبه الأحلام، ناعمة مثل النسيم وهادرة مثل البحر وقوية مثل القدس، هى الحب والهجر والخجل والانتظار، هى نسائم الصيف ودفء الشتاء وسحر الليالى، كل هذه التشبيهات وأكثر منها يعادل اسمًا واحدًا هو اسم فيروز جارة القمر، التى نحتفل اليوم بعيد ميلادها حيث أنعمت علينا الأقدار بهذه النفحة من نفحات الحب والجنة فى 21 نوفمبر من عام 1935 وهو يوم ميلاد نهاد رزق وديع حداد في حارة زقاق البلاط بمدينة بيروت في لبنان لأسرة بسيطة تسكن فى غرفة واحدة ويعمل والدها فى مطبعة.
عشقت فيروز الغناء والطرب منذ طفولتها ورغم أن أسرتها لم تكن تمتلك جهاز راديو كانت الصغيرة تتابع أغانى أم كلثوم وعبد الوهاب وليلى مراد من أجهزة الراديو الخاصة بالجيران حتى اكتشف موهبتها أستاذها محمد فليفل فى حفل للمدرسة وبعدها عملت مغنية فى كورس الإذاعة اللبنانية حتى كانت انطلاقتها بالتعاون مع عاصى ومنصور الرحبانى فى عام 1952، وبعدها ارتبط اسمها باسم عائلة الرحبانى فنيا وأسريا حيث تزوجت من عاصى الرحبانى وأنجبت ابنائها الأربعة زياد، هالي، ريما وليال.
غنت فيروز للحب والجمال والوطن والقدس والبحر وعبرت عن مشاعر الملايين فى كل العالم من كل الأجيال، ورغم ذلك اتسمت دائما بالخجل والبعد عن اللقاءات الإعلامية، وكانت خلال مشوارها الفنى تغنى كثيرا وتتكلم قليلا.
وفى حوار نادر نشرته مجلة الموعد بتاريخ 10 إبريل عام 1980 مع جارة القمر التى وافقت على الإجابة عن أسئلة الكاتبة الصحفية ندى بديع سربية التى سألتها عن كل شيء، ولكن اشترطت فيروز فى هذا الحوار أن يكون حوارها مكتوبا على الألة الكاتبة حتى لا يتم تفسير أى كلمة تقولها بغير معناها.
وفى هذا الحوار أجابت وتحدثت جارة القمر عن أمور كثيرة وأظهرت حقيقة الكثير من الشائعات وعلامات الاستفهام حول حياتها الخاصة والفنية.
وأجابت فيروز عن سؤال حول ارتباط صوتها بالإطار الفنى والنهج الموسيقى الخاص للأخوين رحبانى وهل جسدت هذا النهج بصوتها أو أن صوتها هو الذى صنع نهج الرحباينة فأجابت بأنها كانت فى كل ماغنت تساهم فى صنع صوتها، وفى نفس الوقت كان الأخوان رحبانى يساهمان فى صنع النهج الموسيقى الخاص بهما وأن لقاء هذا الصوت بهذه الموسيقى كان سببًا فى تجسيد أعمال فنية متكاملة، مشيرة إلى أن درجة العمق فى فهم الرحبانية لصوتها جعلهما لم يقعا فى خطأ تقديم كلام أو لحن لا يناسبان هذا الصوت وأن هذا جعلها لا ترفض أى عمل قدمانه لها.
وخلال الحوار أجابت جارة القمر عن سؤال حول كونها تأخذ أجرًا عن كل عمل لها فى مؤسسة الرحبانية أم أنها كانت شريكة تتحمل الأرباح والخسائر، فأجابت بأنه كان همهم دائمًا توافر المقاييس الفنية وليس المقاييس المادية، مؤكدة أنها كانت شريكة فى كل شيء ولم تنشأ أى عقبة حول هذه الأمور.