غابت الأعمال الدينية والتاريخية عن الدراما المصرية لسنوات طويلة، حتى سحبت الدراما السورية البساط من نظيرتها المصرية، وها هى تعود من جديد بمسلسل «سيف الله» الذى يتناول سيرة الصحابى خالد بن الوليد، والمأخوذ عن عبقرية خالد للأديب والمفكر عباس محمود العقاد، وذلك بفضل اجتهاد المخرج الموهوب رؤوف عبدالعزيز، الذى اختار الطريق الأصعب فى مسيرته الفنية، فسارعكس التيار متسلحا بحبه لشخصية خالد بن الوليد مراهنا على ذوق المشاهد الذى لم ينضب بعد، فهل يكسب الرهان؟!
فى كواليس تحضيره للعمل الأضخم إنتاجيا لشركة سينرجى، التقينا المخرج رؤوف عبدالعزيز، وأجرينا معه هذا الحوار الذى أجاب فيه عن أسباب اختيار النجم عمرو يوسف ليجسد شخصية خالد بن الوليد، وموقفه من الفتاوى التى تحرم تجسيد الصحابة، كما رد على بعض المحسوبين على الوسط الثقافى الرافضين لتقديم عمل تليفزيونى عن شخصية إسلامية.
منذ إعلان عمرو يوسف بطلا للمسلسل أصبح حديث السوشيال ميديا.. ما تعليقك؟
لا أعير اهتمامًا لآراء السوشيال ميديا، فهى أشبه بصندوق فارغ فى الشارع يملأه المارة بما شاءوا من قاذورات، ولعبة اللجان الإلكترونية أصبحت معروفة للجميع، وكما نرى أصبحت إهانة الرموز أمرا مستصاغًا الآن بسبب مواقع التواصل الاجتماعى، ورسالتى للوسط الثقافى والإعلامى ألا ينساق خلف التريند، بل عليه أن يشكل الوعى.
وكيف استقبلت تلك الآراء رغم عدم عرض المسلسل حتى الآن؟
فكرة تقديم مسلسل عن سيرة خالد بن الوليد، هى خارج نسق السوشيال ميديا، أو يمكننا القول إننا نسير عكس التيار، فأغلب الأعمال التى تلقى رواجًا عبر منصات التواصل الاجتماعى لا تخلو من البلطجة والعشوائية، فأنا ماضٍ فى طريقى و«مش هتجر للمنطقة دى»، ويكفينى فخرا أن من رد على تلك الأراء هم محبّى خالد بن الوليد.
بالبحث عن مواصفات خالد بن الوليد الشكلية وجدنا أنه يميل إلى البياض.. فلماذا وقع الاختيار على عمرو يوسف وهو شديد البياض؟
من وجهة نظرى هناك سمات شكلية مشتركة بين خالد بن الوليد وعمرو يوسف، من حيث الطول والعرض وغزارة الشعر أو الشكل الجسمانى الخارجى بشكل عام، وحتى درجة البياض، المختلف هو لون الشعر وهذا سيعالج بالمكياج، واتضح ذلك فى البوستر الدعائى الأول للعمل، فى النهاية هو ممثل ويمكن تشكيله للوصول إلى الشخصية، وبالنظر إلى من قدموا شخصية سيف الله المسلول من قبل، تجد أن عمرو يوسف هو أقربهم للحقيقة.
خلال كتابة المسلسل.. من تخيلته يجسد خالد بن الوليد قبل عمرو يوسف؟
أثناء كتابة المسلسل مع إسلام حافظ، لم أهتم بمن يقدم الشخصية، حتى لا تتحول الكتابة من عمل عن خالد بن الوليد لعمل لنجم بمواصفات معينة، لذلك انتهينا من كتابة العمل ثم بدأنا نفكر فى الممثل الذى سيقدم الشخصية، فأنا لا أفصّل دورًا على مقاس نجم بعينه.
شخصية خالد بن الوليد جسدها أكثر من ممثل.. ما الجديد لدى عمرو يوسف؟
تحدثنا عن الجانب الشكلى لشخصية خالد بن الوليد، أما عن الحالة الداخلية للشخصية، فلمست فى عمرو يوسف حبه للشخصية، واجتهاده للوصول إلى كل جوانبها، فمثلا أحمد زكى ليس شبيها لعبدالناصر، لكن حبه للشخصية واجتهاده جعله يقدمها بهذا الشكل المبهر.
هل ستقدم شخصية خالد بن الوليد بشكل مختلف دراميا عما قدم من قبل؟
بالطبع، فالأديب عباس محمود العقاد فى عبقرية خالد، قدم بحثًا إنسانيا ونفسيًا حول شخصية سيف الله المسلول، وليس مجرد سرد لوقائع تاريخية كالتى تعتمد عليها الأعمال الدينية بشكل عام.
بعض المحسوبين على الوسط الثقافى هاجموا المسلسل وطالبوا بوقف تصويره.. ما ردك؟
هم لم يهاجمونى شخصيا، لكنهم هاجموا شخصية خالد بن الوليد نفسه، لذلك سأرد عليهم بمقولته الشهيرة: «فلا نامت أعين الجبناء»، سيف الله المسلول فى حياته واجه المرتدين ومدّعى النبوة، ويبدو أنه ما زال يواجه بعد مماته مدّعى الثقافة ومرضى حب الظهور.
متى بدأت تراودك فكرة تقديم عمل عن خالد بن الوليد؟
تعلقت بالشخصية منذ دراستى لعبقرية خالد للأديب والمفكر عباس العقاد فى المرحلة الإعدادية، فكان مثلا يحتذى به ، وقتها لم أكن أعرف ماذا سأعمل فى المستقبل، لكنها كانت بذرة الحلم، الذى اكتمل حينما اكتشفت حب المنتج تامر مرسى لشخصية سيف الله المسلول، وكان متحمسا لتقديمه فى عمل تليفزيونى منذ 4 سنوات.
وما هى المراجع التى لجأت إليها بخلاف عبقرية خالد لعباس العقاد؟
العمل له جانبان، الأول شخصية خالد، والثانى العالم المحيط به، العقاد فى عبقريته كان مُلمًا بالجانب النفسى للشخصية وانفعالاتها وسلوكياتها، وكل ما تأثر به منذ صغره حتى وفاته، بالإضافة إلى قناعاته ووجهات نظره وردود أفعاله، لدرجة أنك لو سألتنى الآن عن موقف خالد بن الوليد عن قضية فى عصرنا الحالى أستطيع أن أستنبط وجهة نظره، أما عن العالم المحيط به لجأنا للعديد من المراجع منها بداية ونهاية لابن كثير والطبرى ومراجع أخرى ستكتب على التتر، ومعنا فريق بحثى للعمل.
فى حال نجاح العمل.. هل تفكر فى إعادة التجربة وإخراج عبقرية أخرى لتصبح «مخرج العبقريات»؟
السؤال سابق لآوانه، لكن أتمنى أن يكون خالد بن الوليد بداية لعودة الدراما الدينية والتاريخية بعد اختفائها لسنوات.
كيف يمكن لمسلسل خالد بن الوليد أن يرد على شبهات انتشار الإسلام بحد السيف؟
هذه المعلومة مغلوطة بالطبع، والرد عليها من الرسائل الأولى للمسلسل، ونظهر كيف انتشر الإسلام بسماحته ورسالته النبيلة التى أمر بها النبى محمد ثم تعرض لكبوات وهجوم، فكان لزاما أن يسلط سيف الله المسلول لحماية الدين من أعدائه وليس لانتشاره، وهذه رسالتنا.
لعب خالد بن الوليد دورًا حيويًا فى انتصار قريش على قوات المسلمين.. هل سيغفل العمل هذه الفترة من حياة سيف الله؟
بالعكس، هذه الفترة من حياة خالد بن الوليد ستخدم العمل دراميا، ولن نتغاضى عنها، فلا بد أن نوضح كيف أعز الله الإسلام بسيف الله المسلول، وأوعد الجمهور بطريقة سرد وحكى مختلفة، والمؤلف إسلام حافظ يبذل مجهود كبير ليخرج العمل بشكل متميز.
وماذا عن الخلاف المكتوب تاريخيا بين خالد بن والوليد وعمر بن الخطاب.. كيف سيتناوله المسلسل؟
من وجهة نظرى هو ليس خلافا أو صداما، ولكنه اختلاف فى طريقة خدمة الدين الإسلامى، وهذا سيتضح فى دراما المسلسل، لكن من يرون أن ذلك صداما يحاولون الترويج لفكرة مغلوطة بأن الصحابة مجموعة من الرجال تصارعوا على السلطة بعد وفاة الرسول.
لا يخلو عمل تاريخى فى العالم من أخطاء.. ماذا فعلت لتجنب هذه الأخطاء؟
كل مخرج من هؤلاء لم يقصد هذه الأخطاء، لكن تعالوا نفرق بين الاستهانة من صناع العمل والخطأ غير المقصود غير المؤثر على الدراما، فهناك أخطاء المشاهد لا يمكن أن يلاحظها لكن هناك آخرين يترصدون لهذه الأخطاء.
هل وافقت مؤسسة الأزهر على العمل دون إبداء ملاحظات؟
التنسيق مع الأزهر بدأ منذ 3 أشهر، ونتواصل مع لجان تابعة للمؤسسة الدينية خطوة بخطوة، بالإضافة إلى تشكيل لجنة للبحث والمراجعة تتوالى مراجعة المسلسل، لذلك أوجه للأزهر الشكر من خلالكم.
هل تتوقع تصادما مع بعض المحسوبين على التيار الدينى؟
لا أعرف بالضبط، لكننا نقدم عملا الهدف منه تقديم صورة تليق بخالد بن الوليد، وأى شخص يحمل بداخله حبًا لسيف الله سينال إعجابه، بغض النظر عن أيديولوجيته، وسنقدم شكلا ينال إعجاب كل الأطراف حتى المحبين لخالد بن الوليد من أهل الكتاب.
هل يمكن أن نعتبر المسلسل مرجعا تاريخيا لخالد بن الوليد؟
العمل الفنى لا بد أن يكون محركا للبحث ولكن ليس مصدرًا.
فى الأعمال الدينية نرى تجسيد الرسول على شكل «نور».. كيف ستتخطى هذه المشكلة؟
هناك تقنية جديدة للمشاهد التى يحضر فيها الرسول، لكننى لن أستطيع أن أفصح عنها الآن، لكن سنبتعد عن كل الأشكال الساذجة التى نراها كثيرا.