لم يكن "حدوتة مصرية" مجرد فيلم، بل هو خلاصة حكاية شاهين الإنسان بين الحاضر والمستقبل والماضى، ذكرياته ومشكلاته وعواطفه، آرائه ومواقفه من السياسة والرقابة، فعبر عن كل ذلك بلغة سينمائية فريدة ثائرا على كل ما هو سائد، فبرزت شخصية يوسف شاهين التى ارتبطت بوطنه مصر، فذاك الطفل الذى ولد فى مدينة الإسكندرية التى امتزجت بها أصالة الشرق وحضارة الغرب، فكانت شخصيته أكثر انفتاحا على العالم ما انعكس فى أفلامه التى تدعو إلى الحب ونبذ الكراهية وإدانة العنف، وكانت تلك الكلمات أكثر تعبيرا عن مقصده "أعرف بشراً، عرفونى لأ معرفونيش، قبلونى وقبلتهم، بمد إيدى لك طب ليه متقبلنيش، لا يهمنى لونك ولا ميلادك، مكانك، يهمنى الإنسان ولو مالوش عنوان".
فى لقاء نادر لشاهين مع مذيع آيرلندى، حاول الأخير إحراجه حين قال له: "أنت من العالم الثالث"، لكن رد شاهين كان درسًا لهؤلاء الذين يتباهون بحضارتهم الآن، إذ قال مخرجنا العالمى: "لست من العالم الثالث.. بل أنت، لقد كنا هنا منذ 7 آلاف سنة، وأثبتنا أن عمر حضارتنا 7 آلاف سنة، هذه ليست حضارتنا، الحضارة هى كيفية التواصل مع الآخرين..."
وأضاف شاهين: "الحضارة هى أن تعرف كيف تحب، كيف تهتم، هذه هى الحضارة، إذ ذهبت إلى فقير هنا وهو لا يملك أى شىء ليعطيه لك، سوف يستعير من جاره قطعة خبز ويعطيها لك، فى أوروبا ربما يغمى عليك كجثة فى الشارع، والناس سوف تستمر فى المرور جانبك ولا يعطون أى اهتمام، إذن علينا أن نفهم ما معنى حضارة، ثم بعد ذلك يمكننا تصنيف العالم".
واحتفل مهرجان الأقصر للسينما الأفريقية "نادى السينما الأفريقية" بالتعاون مع شركة مصر العالمية، أمس الجمعة، بذكرى ميلاد المخرج العالمى يوسف شاهين بحضور أبطال أفلامه محمود حميدة ورجاء حسين وسهير المرشدى وسيف عبدالرحمن والمنتج جابى خورى .
برنامج الاحتفال بيوسف شاهين يتضمن عروض الأفلام فى إفريقيا وهى ( الأرض ) ( باب الحديد ) ( هاملت الإسكندرانى ) فى (ناميبيا ، أوغندا ، تونس ، الجزائر ، المغرب ، موريتانيا ، السودان ، بروندى ، تنزانيا ، كينيا ، مالاوى ، توجو ومصر ).
وفى مصر يتم عرض فيلمى (هاملت الإسكندراني) (عودة الأبن الضال ) فى (15) محافظة داخل مصر بالتعاون مع هيئة قصور الثقافة ويعتبر هذا الحدث هو الأول من نوعه لمخرج مصرى داخل القارة السمراء ومصر.