فى حياة نجوم الزمن الجميل الكثير من المواقف الصعبة التى قد لا يتحملها غيرهم، فكثيرا ما أضحكونا وهم يبكون وأمتعونا بفنهم رغم ما كانوا يعايشونه من أحزان وألام، ولا يعرف الجمهور الذى عشق فن هؤلاء النجوم حجم ما كانوا يعانونه وهم يبدعون أجمل الروائع التى ظلت فى ذاكرة ووجدان الملايين.
ومن بين هؤلاء النجوم الفنان الكبير توفيق الدقن الذى تعرض للعديد من لمواقف الصعبة التى لا يعرفها الجمهور عن الشرير الظريف الذى بدع فى كل أعماله.
ومن بين هذه المواقف التى لا يتحملها الكثير من البشر ما حكاه توفيق الدقن بنفسه فى مقال كتبه لمجلة الكواكب عام 1957 تحت عنوان " دموع فى الطريق الطويل"
وقال الشرير الظريف فى المقال النادر أنه كان فى أحد مؤسسى فرقة المسرح الحر فى بدايته وبدايتها وكان أعضاء الفرقة يواصلون الليل بالنهار لتقديم العروض واالاستعداد لها، وكانت الفرقة تستعد فى موسمها الثانى لتقديم مسرحية "حسبة برما"
وأشار الدقن إلى أنه كان يشعر بالتشاؤم منذ بداية الاستعداد للمسرحية، دون أن يعرف السبب.
وتابع:" كان لى شقيقة مات أبى فتوليت رعايتها وارتبطت بها وكأنها ابنتى وكافحت حتى أوفر نفقات دراستها وتجهيزها حتى تقدم لها ابن الحلال، واقترضت كى أكمل مصاريف زواجها"
وأوضح الفنان الكبير انه شعر بسعادة كبيرة يوم زواج شقيقته لأنه أدى رسالته ونفذ وصية والده فى رعايتها.
وأضاف الدقن فى مقاله:"فى صباح يوم افتتاح المسرحية صدمتنى وفاة شقيقتى، ولم أتمالك نفسى من الحزن والصدمة، ولم أعد أدرى ما يجرى حولى، ولكنى تماسكت حتى أفكر فى كيفية تدبير نفقات نقل جثمان شقيقتى للمنيا حتى يتم دفنها فى مقابر العائلة، وقلبت جيوبى فلم أجد سوى بضع قروش"
وتابع:" كنت اعلم ان صندوق الفرقة خاو لأننا أنفقنا كل ما نملك للاستعداد للمسرحية، فلجأت إلى زميلتى وداد حمدى وأنا لا أتمالك دموعى وقلت لها أنى أحتاج عشرين جنيها، وعلى الفور دبرت وداد المبلغ وعدت لأستكمل تجهيزات دفن شقيقتى الغالية مع عدد من أقاربى، وحين اكتملت التجهيزات فاجأتهم بقرارى بعدم السفر معهم لحضور افتتاح المسرحية"
وعاد توفيق الدقن إلى بيته وهو منهار بالبكاء، ثم ذهب إلى المسرح، وتعجب زملائه حين رأوه وقد ترك جنازة شقيقته ليشاركهم الافتتاح حتى لا يقعون فى مأزق عدم وجود من يقوم بدوره.
وقال الدقن فى مقاله وهو يصف هذه اللحظات الصعبة:" لم أكن أتمالك نفسى من البكاء حتى أقف أمام الجمهور فأضحك وألقى النكات والإيفيهات ويضحك الجمهور، وكنت أضحك بحسب مقتضيات الدور وقلبى يبكى وأظل أضحك حتى تطل الدموع من عينى فأفيق إلى نفسى وأتذكر أننى أمام الجمهور وليس أما نعش شقيقتى، وكلما اسدلت الستارة أنهار ففى البكاء وأنتحب، وكانت ليلة لا تنسى"
وبعد إنتهاء المسرحية سافر توفيق الدقن للمنيا ليتلقى العزاء فى شقيقته وعاد فى نفس اليوم ليقف من جديد على المسرح يضحك أمام الجمهور بينما يخفى دموعه عنهم وينهار فى الكواليس.