كان والده يحلم أن يكون ابنه شيخاً كبيراً، أما الأم فكانت النبع الذى ارتوى منه الحنان فى طفولته وعوضه فقد بصره، وكانت معايرة الأطفال لابنها بالعمى تدفعها للبكاء، إنه الشيخ إمام التى تمر اليوم ذكرى وفاته، ونشأ على حب الموسيقى حين كان يذهب إلى مواسم الأفراح والحج، وسط الحريم ليسمع غناءهن .
تميز الشيخ إمام بذاكرة قوية، وحفظ القرآن، وبات والده يتوسم فيه مستقبلا مشرقا، ولكن أهل قريته أمسكوا به ذات يوم يستمع إلى القرآن عبر أثير الراديو، الذى كان فى ذلك الزمان بدعة. وقد حاولوا منعه، لكنه أظهر إصرارا وعنادا فكان مصيره الطرد من القرية.
وجد الصبى الكفيف نفسه فى قلب القاهرة الهادر، إذ ذهب إلى عدد من أبناء قريته يعيشون فى حى الغورية، أقدم أحياء القاهرة، ومن تلك الحارة تجول الشيخ إمام بأناشيده الدينية، وأغانيه الحماسية والسياسية التى تنتقد الواقع، حتى نهاية حياته.
واشتهر إمام بألحانه وأغنياته التى تتناول القيم النضالية، والتعبير عن قيم الاستقلال والحرية، وقد غنّى لرموز عالمية فى هذا المجال، مثل المناضل الأرجنتينى أرنستو تشى جيفارا، وزعيم فيتنام هوشى منه، الذى قاد النّضال لفترة زمنية ضد الاحتلال الأمريكى لبلاده حتى وفاته عام 1969.
تغنى الشيخ إمام بكلمات الشعراء المصريين أمثال أحمد فؤاد نجم، وفؤاد قاعود، وبيرم التونسى، وزكى عمر، وعبد الرحمن الأبنودى، وفؤاد حداد، وسيد حجاب، ونجيب سرور، ونجيب شهاب الدين، وأبو الحسن سلام، وعصمت المسلمانى، وعفاف العقاد، بل غنّى الموشحات مثل «هات أيها الساقى»، و«ملا الكاسات»، وقصيدة «أشرق النور»، و«عطر الدنيا بذكر المصطفى»، و«يا رب ما لى سند غيرك»، كما غنى لعدد من الشعراء العرب، ومنهم التونسى آدم فتحى، والفلسطينيون توفيق زياد وتيسير الخطيب وفدوى طوقان، واليمنى عبد الله البردونى.
300 أغنية، للشيخ إمام غناها عدد غير قليل من الفنانين أمثال لبلبة التى غنّت له: «يا خواجة يا ويكا»، وليلى نظمى «ساعة العصارى» و«شوف الحكاية يا وله»، أمّا محمد رشدى فقد غنّى له «الغربة» و«دلى الشيكارة»، أمّا فايدة كامل فقد غنّت له «حى على الكفاح» و«شوف الحكاية».