تمر اليوم ذكرى ميلاد الفنان الكبير إبراهيم الحجار أحد عمالقة الطرب والموسيقى، الذى ولد فى مثل هذا اليوم الموافق 7 يناير من عام 1922 بمحافظة بنى سويف، والفنان إبراهيم الحجار مبدع مظلوم لم يحصل على ما يستحق من شهرة ومكانة تليق بحجم موهبته وعطائه الفنى وما قدمه للفن والطرب من عطاء فنى ونجوم تتلمذوا على يديه، دفع ثمن مبادئه وإصراره على مواقفه الكثير، ورغم ذلك كان نهراً ومنبعاً للطرب والفن الأصيل ينهل منه عشاق الفن ونجومه الذين تتلمذوا على يديه ومنهم أبنائه على وأحمد ورأفت الحجار.
ولد المطرب والملحن الكبير إبراهيم الحجار في قرية الدير براوة بمحافظة بني سويف، لعائلة اشتهر معظم أبنائها بجمال وقوة الصوت، وحرص والده على تحفيظه القرآن الكريم، ثم انتسب إلى مدرسة المعلمين ثم مدرسة معلمي بني سويف.
اشتهر الفنان إبراهيم الحجار بالغناء في بني سويف وعرف فى سن صغيرة بالبلاد المحيطة بها وبدأت الأفراح والحفلات تتهافت عليه فى بلاد تبعد عن مسكنه وهو لم يتجاوز سن العشرين.
وعندما بلغ من العمر 22 سنة قرر الرحيل إلى القاهرة ليخوض امتحان الأصوات الجديدة فى هيئة الإذاعة، وانتسب الفنان الكبير إلى معهد الموسيقى العربية، وتم اعتماده مغنيًا بشكل رسمي في هيئة الإذاعة سنة 1945 حيث عمل فيها لمدة 10 سنوات، وحقق نجاحاً كبيراً.
كان إبراهيم الحجار معتزاً بنفسه يرفض التنازل عن مبادئه وقناعاته، حتى أنه رفض طلب الإذاعي محمد حسن الشجاعي تعيير اسمه حيث قال له : الحجار ده مش ماشى مع الأغاني ، فرفض الفنان الكبير تغيير اسمه وكان الثمن أنه ترك عمله بالإذاعة ومر هو وأسرته بأزمات صعبة ولكنه أصر على موقفه.
وبعد هذه الأزمة تم تعيينه في إدارة الأوبرا عام 1968 وكون فرقة موسيقية اسماها (فرقة الموسيقى العربية) واشترك في العديد من الحفلات التي كانت تقام بصورة نصف شهرية حتى تمت إحالته إلى التقاعد في سنة 1982 ، ولكنه لم يتوقف واستمر عطائه في تدريس وتحفيظ الموشحات والأدوار وشرح وتحليل الألحان والجمل الموسيقية لطلبة المعهد العالي للموسيقى العربية.
وتتلمذ عى يديه العديد من المطربين والمطربات الكبار أمثال: لطيفة، طارق فؤاد، أنغام، أحمد إبراهيم، مدحت صالح، نادية مصطفى، شيرين وجدي، أنوشكا، مي كساب، وولداه على وأحمد الحجار.
كان الفنان الكبير يعلم تلامذته الذين أصبحوا نجوما دون مقابل، لأنه رأى أن ما يفعله رسالة إنسانية لتخريج جيل من المطربين الذين يحترمون الفن ويعرفون أصوله، وكان يرى أن فنه رسالة يجب أن يحافظ عليها ويحترمها، وضرورة أن يتدرب المطرب فى بداياته على أغانى الطرب الأصيل والموشحات القديمة وكأنه رياضى يتدرب على حمل الأثقال فينبت قويا، وهكذا نبت ونشأ على وأحمد ورأفت الحجار.
كان من أهم لمشاهد فى حياة الفنان المبدع إبراهيم الحجار حين وقف على المسرح بعد أن تقدم فى العمر مع ابنه على الحجار ليغنى "عزيز على القلب" وكان وقتها قد حقق الابن نجاحا وشهرة كبيرة، استند الأب إلي ابنه وكأنه يستند إلى حصاد عمره ومبادئه التى تمسك بها طوال حياته، حاول حبس دموعه وهو يتذكر ما مر به من صعاب وما تحمله من متاعب فى سبيل مبادئه وفنه.
تذكر الأب والابن تلك النصائح والمبادئ التى ربى الفنان الكبير أبنائه عليها، وأهمها أن يحافظ كل منهم على اسمه مهما كان الثمن ، قال الأب لابنه على الحجار نصيحة كأنها زورق نجاة من موجات الاسفاف والابتذال التى تجتاح الفن بين حين وأخر :" اصنع أغان تعيش بعد مماتك ولا تموت وانت على قيد الحياة، لا تتاجر بحنجرتك ولا تجعلها سبيلا إلى منصب أو جاه"، وهكذا عاش الفنان الكبير إبراهيم الحجار بعد موته ، عاش فى الفن الذى أرساه فى نفوس تلامذته وفى المبادئ التى زرعها فى كيان أبنائه.