ربما يحفظ الكثيرون شكله ويتذكرون أدواره وأداءه القوى ونبرة صوته ونظرة عينيه التى تبث الرعب، لكنهم لا يتذكرون اسمه لأنه كان أحد مظاليم الفن الذين يتمتعون بموهبة كبيرة لكن لم ينالوا حظهم فى العديد من الأدوار التى يستحقونها، إنه الفنان فؤاد أحمد الذى تحل اليوم ذكرى ميلاده، حيث ولد فى مثل هذا اليوم الموافق 27 يناير من عام 1936، أحد عباقرة الفن المظاليم الذى وصل حبه لفنه إلى أن فقد بصره حتى يتقن دوره.
لا أحد ينسى هذا الوجه المرعب لحمودة الأقرع فى فيلم المشبوه وهو يقايض ماهر بطل الفيلم، مهدداً إما أن يفقأ عينه أو يقتل ابنه، أو ينسى دوره فى مسلسل محمد رسول الله وهو يجيد شخصية هامان وزير فرعون وهو يقول عبارته الشهيرة "باسم آمون ينطق هامان" وتلك الرعشة التى تصيبه فتشعر أنك ترى الشر الذى انطلق من عينى هامان وزير فرعون الحقيقى.
وربما لا يعرف الكثيرون وهم يرون هذا الشرير على الشاشة أن الفنان فؤاد أحمد دفع عمره ونور عينيه ثمنا لحبه للفن وسعيه الدائم لإتقان أدواره مهما كلفه هذا من جهد وصحة وتضحيات، حتى أنه فقد بصره بسبب ماكياج شخصية هامان، حيث كان يدهن جسده ورأسه بألوان الزيت والقطران ولإزالتها كان يضطر للاستحمام بالبنزين والجاز، ما أثر على حالته الصحية وأصابه بالعمى.
عشق فؤاد أحمد الفن منذ صغره وحصل على درجة الليسانس فى اﻵداب والبكالوريوس من المعهد العالى للفنون المسرحية، وكان معروفا فى الوسط الفنى بثقافته الواسعة، فكان الكثير من زملائه يلجأون إليه حين تقف أمامهم أى معلومة ، كما اشتهر بحرصه واهتمامه بالشخصيات التى يقدمها وتحضيراته لها ، حيث كان يهتم بكل تفاصيل الشخصية من ملابس واكسسوارات، حتى انه أصر على أن يحلق شعره بالكامل لتقديم شخصية هامان فى مسلسل محمد رسول الله ورفض ارتداء باروكة كباقى زملائه.
عمل فؤاد أحمد في مسرح (الحكيم) منذ عام 1963 واشترك في عروض المدبوليزم التى أسسها الفنان عبدالمنعم مدبولى ، كما شارك فى عدد من المسرحيات ومنها مسرحية "علشان خاطر عيونك" أمام الفنان فؤاد المهندس، ومسرحيات "بجماليون، اللص والكلاب، الجياع ،جان دارك، مع خالص تحياتي"، كما شارك فى عدد كبير من المسلسلات الدينية والتاريخية والاجتماعية ومنها :"الجزأين الأول والرابع من المسلسل الدينى لا اله إلا الله، ومسلسل:البؤساء والدوامة وعلى باب زويلة والكعبة المشرفة، كما شارك فى مسلسل جمهورية زفتى وهو فاقد البصر كليًا ، وكان أخر أعماله مشاركته فى مسلسل "جحا المصري"عام 2002.
امتلك هذا الفنان العبقرى قدرات فنية هائلة جعلته يؤدى أدواره وكأنه ابتلع الشر وهضمه لتظهر آثاره على صوته وجسده وعينيه وكل حواسه وهو يجسد أدوار الشرير، فهو البلطجى فى فيلم "خمسة باب"، وزوج الأم الذى تسبب فى أزمة نفسية لابنة زوجته التى اعتقدت أنه والدها فإذا به يتحرش بها مما أصابها بالجنون فى فيلم "خلى بالك من عقلك"، كما أبدع فى أداء شخصيات أخرى فى أفلام "رجل لهذا الزمان، القطار، البؤساء"، وغيرها، ورغم عبقريته الفنية لم يحصل فؤاد أحمد المولود عام 1936 على ما يوازى موهبته الفنية.
وتوفى الفنان فؤاد أحمد بعد أن أعطى للفن أغلى ما يملك من صحته وبصره وموهبته في 15 أغسطس عام 2010 فى شهر رمضان عن عمر يناهز الرابعة والسبعين.