يحتفل اليوم الفنان الكبير والمطرب ذو الصوت المميز محمد الحلو بعيد ميلاده الذى يوافق 3 مارس عام 1955.
محمد الحلو هذا الصوت الجميل الطربى المميز الذى أمتعنا بكل ما قدمه خلال مسيرته الفنية من أغان وحفلات وألبومات وتترات كانت علامات فى تاريخ الفن والدراما.
هذا الصوت الذى ينتمى لجيل من الفنانين عول عليهم الجميع أن يحملوا راية جيل الطرب الذى سبقهم، خاصة بعد رحيل العندليب وفريد الأطرش وغيرهم.
وكما كان رحيل العندليب الأسمر عام 1977 نهاية عصر عمالقة الطرب من نجوم الزمن الجميل، كان هذا التاريخ أيضا بداية لظهور جيل جديد من مطربى جيل الوسط الذين قدموا ألوانا مختلفة من الطرب والغناء ، واستمروا على نفس مبادئ وقيم سابقيهم، ومنهم على الحجار ومحمد الحلو ومدحت صالح، فضلا عن الكينج محمد منير الذى قدم لونا مختلفا ومتفردا من الغناء واكتسب شعبية كاسحة بين الشباب من عدة أجيال، وهانى شاكر الذى سبق هذا الجيل ،واتسمت المنافسة بين أبناء جيل الوسط بالهدوء وتعاون الكثيرون منهم فى أعمال مشتركة.
كان هذا الجيل من المطربين الذين يمتلكون أصواتاً قوية وثقافة منحتهم القدرة على اختيار أعمال جيدة واستطاعوا أن يكتسبوا جماهيرية كبيرة ، الأمل وطوق النجاة وحائط الصد فى مواجهة موجات الإسفاف المتتالية التى أصابت الغناء والتى تسلق فيها من ليس لهم مهن مجال الغناء.
كانت هذه الموجات من الإسفاف تمتد وتتزايد كلما انسحب وتوارى واختفى أبناء جيل الوسط من حملة ميراث الفن والطرب الأصيل، الذين لم يسير أغلبهم بنفس القوة والمثابرة والمواجهة.
بدأ الفنان الكبير محمد الحلو مشواره قوياً راسخاً محققاً الكثير من النجاحات، فحصل على بكالوريوس من معهد الموسيقى العربية في السبعينات، وبدأ مشواره بغناء العديد من الأغاني التراثية ، فكان لها صدى كبير في العالم العربي ، وأصبح فى وقت قصير من نجوم الصف الأول في مصر والوطن العربى.
وحقق أول ألبوماته الغنائية "عراف"، نجاحاً كبيراً ، وبعدها حققت ألبوماته التالية نفس النجاح ومنها: "افتح كتابك، رحال،يا قمر،عصافير الجنة،على كيفك، صدقى ، بندم،فداكي الروح، يا حبيبي، أحبابنا، اشهدي"
وبالتوازى مع هذه النجاحات كان محمد الحلو علامة مميزة ومن أوائل المطربين الذين غنوا تترات المسلسلات ، وكان صوته أحد عوامل نجاج أهم المسلسلات فى العصر الذهبى للدراما ومنها: “آه يا زمن” و”ليالي الحلمية” و”الوسية” و”حياة الجوهري” و”زيزينيا” و”حلم الجنوبي” ، وغيرها، لا ينافسه فى هذا المجال سوى ابن جيله المجتهد المبدع على الحجار.
وخاض محمد الحلو تجربة التمثيل من خلال مجموعة من الأفلام السينمائية، منها "الحب الحقيقي، شباب لكل الأجيال، ابتسامة في عيون حزينة، طبول في الليل، ممنوع في مدرسة البنات"، بالإضافة إلى مسلسل تلفزيوني بعنوان "وجيدة وسامح" وفوازير ألف ليلة وليلة "أسطورة عروس البحر"، وأيضا عملين مسرحيين بعنوان "سى على وتابعه قفة" و"لولى"، وكان من أكثر المطربين الذين شاركوا في فعاليات مهرجان الموسيقى العربية الذي يقام كل عام على مسرح دار الأوبرا، ومن شدة إعجاب الفنانة الكبيرة وردة بموهبته كانت تقول أنه ابنها الأكبر.
ورغم الموهبة الكبيرة التى يتمتع بها الفنان الكبير محمد الحلو إلا أنه لم يعمل على الاستفادة والإفادة بموهبته بما يليق بها ويليق بالآمال المعقودة عليه وعلى جيله، اختفى لفترات ، وتكاسل لفترات، فى الوقت الذى كان يجب أن يبدع ويجتهد ليكون جزء من حائط الصد أمام هجمة الأغانى الهابطة وتيار الإسفاف ، ولكن كان انسحابه مع عدد من أبناء جيله فرصة أفسحت المجال لاحتلال وانتشار موجة الإسفاف.
لم يدرك الحلو وعدد من رفاقه حجم المسئولية الملقاة على عاتقهم فى تنقية الذوق العام والتصدى لموجات الإسفاف والأغانى الهابطة بإنتاجهم الذى يواجه هذه الموجات بالفن الراقى الذى يرقى الذوق العام، ولكنهم تكاسلوا وابتعدوا فى كثير من الأحيان وأفسحوا الطريق لمن لا موهبة لديهم ولا ثقافة ولا رؤية ليعيثوا فى الفن فساداً ويلوثوا مسامع الجمهور وينشروا الرداءة والإسفاف.
وبخلاف على الحجار الذى استمر بنفس الحماس والقوة والاجتهاد، ومحمد منير الذى شكل لوناً خاصاً به لا ينافسه فيه أحد واستمر دائما يبحث عن الجديد ليقدمه لجمهوره، لم نر نفس الحماس والقوة فى كل من الحلو ومدحت صالح وحتى هانى شاكر.
يعرف محمد االحلو أنه ورفاقه ممن أطلق عليهم لقب رباعى الطرب الأصيل وهم هو وهانى شاكر ومدحت صالح وعلى الحجار، إضافة إلى الكينج منير، يمثلون قوة كبيرة يمكنها أن تواجه وتقاوم وتنتج وتبدع ، ولكن مع الأسف لا يعمل أفرادها بنفس القوة والحماس والاجتهاد، رغم موهبتهم الكبيرة والآمال المعقودة عليهم.
وفى عيد ميلاد الفنان الكبير محمد الحلو نناشده أن يعود لقوته وحماسه واجتهاده، وأن يحمى جمهوره من موجات الإسفاف بتقديم فنه الراقى الأصيل، وألا يترك الساحة لأنصاف وأرباع الموهوبين وعديمى الموهبة، وألا يتكاسل عن فنه لأنه يستطيع أن يقدم الكثير والكثير، ونقول للفنان الكبير عام سعيد نتمنى أن تعود فيه بقوة فالجمهور الذى أحب فنك وآمن بموهبتك ويقبل حتى فى أزمة كورونا على حفلات الموسيقى العربية ليستمع إليك له عليك حق، والجيل الذى تسلمت منه راية الفن والطرب الأصيل له عليك حق، وموهبتك الكبيرة لها عليك حق، فلا تبخل ولا تتكاسل ولا تغيب وتختفى، وليكن عامك الجديد عودة لنشاطك الفنى وجمهورك الذى يهيم شوقاً.