سادت العلاقة الطيبة بين الصحافة والفن لفترات طويلة خاصة فى زمن الفن الجميل الذى ارتبط فيه الأدباء والكتاب والصحفيون بأهل الفن، وجمعتهم علاقات صداقة وساهم كل فريق منهم فى مسيرة وتقدم الفريق الأخر.
وكان نجوم االزمن الجميل يحرصون على حسن علاقتهم بالصحافة فكانوا ينشرون مقالاتهم ومذكراتهم بالصحف والمجلات ويطلون على جماهيرهم من خلالها ليتحدثوا عن كل تفاصيل حياتهم ويستقبلون رسائل القراء.
ورغم هذه العلاقات الطيبة نشبت فى بعض الأحيان معارك بين الصحافة والفن وصلت لساحات القضاء ، بل وأحياناً إلى الإسعاف والمستشفيات.
وفى عدد نادر من مجلة الكواكب صدر عام 1954 وكان وقتها حدثت أزمة بين الصحافة والفن بسبب إتهام أحد النقاد لعدد من المخرجين بسرقة قصص أفلامهم من الأفلام الأجنبية، كما اتهم بعض الموسقييين بسرقة الألحان الغربية ومسخها، وحدثت ضجة بين بعض الكتاب وبين عدد من السينمائيين، ووجدت مجلة الكواكب فى هذه المعركة فرصة للحديث عن المعارك السابقة بين الصحافة والفن والتى وصل بعضها إلى استخدام القوة، وصلت الخصومة إلى المستشفيات.
واستشهدت الكواكب بإحدى هذه المعارك التى حدثت بين الناقد المسرحى القديم عبدالمجيد حلمى وبين منيرة المهدية التى لقبت بسلطانة الطرب وكانت وقتها تتربع على عرش المسرح الاستعراضى.
وشن الناقد المسرحى حملة صحفية على منيرة المهدية، التى كان لها وقتها من النفوذ والسلطة ما لم يسمح بان ينتقدها أى قلم صحفى أو يبدى أى ملاحظات على فنها ، ولكن ذهب الناقد المسرحى عبدالمجيد حلمى ذات ليلة إلى مسرح منيرة المهدية فلم يعجبه أدائها لأحد الحان المرحوم سلامة حجازى، وفى أول عدد من مجلته كتب مقالاً يهاجم فيه منيرة المهدية وقال فيه أن عليها إما أن تعتمد على أحد الملحنين ليعلمها كيف تغنى أو أن تريح الناس من صوتها وغنائها وتعتزل.
وتسبب هذا المقال فى ضجة واسعة، وخرجت الصحف لتعلق على هذا المقال، وعضبت منيرة المهدية غضباً شديداً، وقررت أن تؤدب عبدالمجيد حلمى.
واستعانت منيرة المهدية بعدد من فتوات عماد الدين الذين تستخدمهم لتأديب
يجلس مع بعض أصدقائه بإحدى مقاهى شارع عماد الدين هجم عليهم هؤلاء الفتوات، واستطاع عبدالمجيد وأصدقائه الهرب بعد أن تحول المقهى إلى حطام.
وعرف عبدالمجيد حلمى بأنه هو المقصود من هذا الهجوم فاذداد عناداً وشن حملة واسعة على منيرة المهدية بمجلة المسرح استمرت لمدة شهرين، حتى أنها اثرت على إيررادات شباك التذاكر لسلطانة الطرب.
ورأت منيرة المهدية بعد تأثير هذه الحملة عليها أنه لا سبيل لها إلا الصلح ومخاطبة ود الناقد الفنى ،وأن تعتذر له، فدعت عدد من الصحفيين والكتاب والفنانين فى بيتها وعقدت جلسة صلح بينها وبين عبدالمجيد حلمى .
ولكن هذه المعركة تركت أثرها خلال هذه الفترة فى الوسط الفنى وأوعزت لبعض اصحاب الفرق باستخدام الفتوات والبلطجية لتأديب كل ناقد تسول له نفسه ان يهاجم صاحب الفرقة أو ما تقدمه من روايات.