نجح المخرج محمد جمال العدل في التحدي الذي وضع نفسه فيه بإخراج رواية "بين السما والأرض" التي قدمها من قبل صلاح أبوسيف في فيلم سينمائي ضمن أهم 100 فيلم في تاريخ السينما المصرية، وقدم ذلك المخرج الشاب رؤية إخراجية جديدة ومختلفة من منطلق السيناريو الذي كتبه إسلام حافظ وحاول خلاله تقديم تاريخ كل شخصية داخل "الأسانسير" وما كانت عليه قبل حبسها في ذلك المكان وأضاف أحداثًا جديدة لم تكن موجودة في الفيلم، فأصبحنا أمام عمل فني جديد تمام لا يجوز المقارنة بينه وبين الفيلم لمن يحبذون المقارنة دائمًا، فالمقارنة هنا ستكون ظالمة.
من المشاهد الذكية التي قدمها محمد جمال العدل "ماندو العدل" مشهد الفلاش باك الذي يجعل خلاله كل الشخصيات تخرج في مشهد "سلوموشن" لتعود إلى ما كانت عليه، كما أن الشخصيات الجديدة التي ليست في الفيلم وأضيفت للمسلسل منحت العمل حيوية أكثر وتشويق لمعرفة دور تلك الشخصيات داخل الأسانسير ومنها مثلاً شخصية "أحمد بدير"، ومشاهد كثيرة أبدع فيها كمخرج وأظهر قدراته كمبدع قدم الجديد ولم يكتفِ بما هو مكتوب لديه في السيناريو.
ماندو العدل في مساحة صغيرة جدًا بها الكثير من الصعوبات في التصوير والتمثيل والإضاءة وغيرها من عناصر الفيلم استطاع خلالها إدارة كل هذه العناصر ببراعة ونجح في تحقيق متعة بصرية وإيقاع سريع وفي نفس الوقت نقل إحساس كل شخصية ونقل التوتر الذي أصابها لكل متابع ومشاهد لهذا العمل، إضافة إلي إدارته للمثلين وإخراج أفضل ما لديهم في مساحات صغيرة وبلقطات Close up shot ساعدت على توضيح تفاصيل الأشياء، و إظهار ردود الفعل كتعابير الوجه للكثير من الممثلين، ولفت النظر إلى أشياء محددة في الكادر، ويعتبر هذا الحجم من أقوى أدوات المخرج وقد نجح فيه ماندو العدل ببراعة، وأيضًا اللقطات العامة Very long shot كانت توضح لنا مع بداية كل حلقة معالم المكان لفهمه وفهم أماكن الأشخاص فيه.
في النهاية نحن أمام مخرج متميز (محمد جمال العدل) اهتم بتفاصيل كثيرة فأخرج لنا عملاً سيكون من الأعمال المهمة في الدراما المصرية والعربية واعتقد أن هذا المسلسل يحتاج لمشاهدة أكثر من مرة لاكتشاف الكثير من اللحظات الإبداعية في الصورة وفي الأداء للكثير من الممثلين.