يمر اليوم 91 عاماً على ميلاد الفنانة الكبيرة والعبقرية الفنية الفذة سناء جميل التى ولدت فى مثل هذا اليوم الموافق 27 إبريل عام 1930، وعشقت الفن ومنحته عمرها وضحت من أجله بكل شيئ الأسرة والأمومة وعاشت من أجله حتى وفاتها.
عانت سناء جميل طوال حياتها معاناة كبيرة بسبب عشقها للفن ، حيث رفضت أسرتها عملها بالفن وصفعها شقيقها صفعة أفقدتها حاسة السمع بإحدى أذنيها وطردتها الأسرة، لتعيش سناء جميل وحيدة وتهب حياتها للفن.
ساعدها المخرج زكى طليمات على الإقامة فى بيت طالبات وضمها لفرقة "المسرح الحديث "، وأطلق عليها اسمها الفنى سناء جميل، وعملت ابنة الاسرة الارستقراطية وخريجة المدارس الفرنسية بالتفصيل حتى تستطيع الانفاق على نفسها وكانت تنام على البلاط أحيانا.
ولكن بدأت السعادة تعرف طريقها إلى زهرة الصبار الحزينة عندما تعرفت على رفيق عمرها لويس جريس عام 1960، فى حفل توديع صحفية سودانية أنهت تدريبها فى روزاليوسف، وظلت تخطئ فى اسمه طوال الحفل وتناديه "يوسف". تعلق بها لويس جريس لكنه ظن أن زواجهما مستحيلا حيث اعتقد أنها مسلمة لكثرة قولها "والنبى"، حتى أنه فكر فى إشهار إسلامه للزواج منها، وبعدها اكتشف أنها مسيحية فعرض عليها الزواج وتزوجا بدبلتين لا يتجاوز سعرهما 10 جنيهات، وحكى جريس عن يوم زواجهما فى أحد البرامج، مشيرا إلى أن القس رفض إتمام الزواج دون وجود معازيم وشهود، فتوجه إلى جريدة (روز اليوسف)، التى كان يعمل بها، واستأجر 7 عربات جمع فيها 35 شخصًا من زملائه ليحل الأزمة، وقضيا شهر العسل فى التنقل بين عدة محافظات لارتباط سناء بعدد من العروض المسرحية.
كانت قصة حب وزواج سناء ولويس من اشهر وأجمل قصص الحب التى تفوق الروايات الرومانسية ، فكانت سناء تحلف باسمه دائما قائلة "وحياة لويس"، واستجاب الزوج العاشق لرغبتها فى عدم الانجاب والتفرغ للفن، وكان كل منهما محور حياة الأخر، ومتكأه الذى يستند عليه، حتى أن لويس جريس لم يستخدم العصا ليستند عليها ماشيا إلا بعد وفاة سناء، التى أصيبت بسرطان الرئة وظلت تعانى لمدة 3 أشهر وكانت وفاتها فى 19 ديسمبر عام 2002 أكبر صدمة فى حياة رفيقها المحب العاشق.
و أراد لويس جريس أن يحقق رغبة حبيبة عمره فى أن تلتقى بأحد أقاربها ولو بعد وفاتها فانتظر ثلاثة أيام قبل دفنها وبعد نشر نعى لها فى الصحف على أمل أن يظهر أحد أفراد أسرتها ليشارك فى تشييعها إلى مثواها الأخير، ولكن لم يظهر أحد من عائلة سناء، فدفن رفيقة عمره فى 22 ديسمبر 2002، وظل يعيش معها وعلى ذكراها وينتظر لقائها لأكثر من 15 عاما، حتى أنه كتب رسالة مؤثرة فى ذكراها قال فيها: "15 سنة ولازالتِ هنا.. ولازال عطرك يفيض من حولى ويملأ الأمكنة.. 15 سنة على رحيلك يا سناء.. ولازلت أحكى للناس عن أول لقاء بيننا وأول كلمة حب.. وأول رقم تليفون هاتفتك عليه..15 سنة ولازلت أذكر حنانك ودفء كفك حينما كان يربت على كتفى.. 15 سنة وما زلت أحكى لمن حولى عن عشقى لكِ.. وعن عدم وفائك بالوعد.. رحلتى وتركتينى وحيدًا وقد كنا اتفقنا على ألا نفترق.. لكن لا راد لقضاء الله.. فلتكن مشيئته ونحن نقبلها برضاء تام.. أعيش على أمل أن ألقاك يا وحيدتى"، وظل الكاتب الكبير لويس جريس على وفائه وحبه حتى لحق بحبيبته بها فى 26 مارس 2018.