كثير من نجوم الزمن الجميل كانوا فى بداياتهم يعانون من الفقر ويحاولون أن ينحتون فى الصخر حتى يشقوا طريقهم للفن ويصلوا للشهرة والنجومية، حتى أن بعضهم كان يعانى فى توفير الملابس اللازمة للظهور بها أو لإجراء مقابلة فنية، وكانوا يستأجرون هذه الملابس من بعض المخازن التى تخصصت فى تأجير الملابس وأغلبها كان يقع فى شارع عماد الدين.
وفى عدد نادر من مجلة الكواكب صدر عام 1956 نشرت المجلة موضوعًا عن معاناة أهل الفن لتوفير الملابس وكيف كانت الفرق المسرحية فى العشرينيات والثلاثينيات تتكبد عناء كبيرا لتوفير ملابس المسرحيات وخاصة التاريخية، ونوادر وحكايات كبار النجوم فى توفير الملابس فى بداياتهم.
ومن بين النوادر التى ذكرتها الكواكب قصة "بدلة امتثال" التى حكاها صاحب مخزن للملابس بشارع عماد الدين، مؤكدًا أن هذه البدلة كانت سببًا فى شهرة عدد من الراقصات اللاتى استأجرن هذه البدلة.
وأشارت الكواكب إلى أن هذه البدلة كانت صاحبتها الراقصة امتثال فوزي إحدى أشهر الراقصات فى العشرينيات والثلاثينيات والتى ماتت مقتولة على يد أحد الفتوات بعد أن ضربها برقبة زجاجة بسبب رفضها دفع الإتاوة، وبعد مقتلها تم بيعها ملابسها ومنها بدلة رقص اشتراها صاحب أحد المخازن وقام بتأجيرها لعدد من الراقصات.
وقال صاحب المخزن أن من بين الراقصات اللاتى استأجرن هذه البدلة راقصة قديمة اسمها "بهيجة المهدى"، ولم يمض يومين حتى وقعت عقد فيلمين مع المنتج توجو مزراحى.
كما استأجرت كاريوكا بدلة امتثال وهى تعمل فى بداياتها بفرقة بديعة مصابنى، وفى نفس اليوم ضاعفت بديعة مرتبها، ثم بدأت مشوارها السينمائى وفتحت لها أبواب الشهرة والمجد الفنى، كما ارتدته راقصة قديمة اسمها جمالات حسن، وبعد أيام عرض عليها أحد الأثرياء الزواج ووضع تحت أمرها آلاف الجنيهات.
يذكر أن امتثال فوزى بدأت شهرتها بمقهى الغزاوي بالإسكندرية، ومن شهرتها تعاقدت معها بديعة مصابني وضمتها للعمل بصالتها الشهيرة ، وبعد فترة قليلة، تركت امتثال فوزى العمل بصالة بديعة واشتركت مع صديقتها ماري منصور في إدارة صالة بجوار محطة مصر عُرفت بمسرح أو كازينو البسفور بميدان رمسيس حاليًا، وشاركت امتثال فوزى في السينما بعدة أعمال منها الهارب وحظ المحب، كما تزوجت من زكي طليمات رائد المسرح المصري الحديث بعد طلاقه من روز اليوسف.
وكانت قصة مقتل الراقصة امتثال فوزى من أشهر القصص التى تناولتها الصحف وقتها، حيث رفضت امتثال دفع الإتاوة لفتوات شارع عماد الدين وتحديدًا فؤاد الشامي، والذي فرض عليها إتاوة قدرها 50 جنيهًا شهريًّا وإلا قام بقتلها في حالة عدم الدفع.
وأبلغت امتثال رجال الشرطة، وكان قسم الأزبكية يطل مباشرة على كازينو البسفور، فلما علم الشامى بذلك شعر بضياع هيبته بين رجاله، خاصة مع امتناع بعض راقصات عماد الدين عن دفع الإتاوات، فدفع الشامى بأحد رجاله ويدعى كامل الحريري، مساء يوم الجمعة 22 مايو 1936، وانتظر امتثال خلف مسرح البسفور وقام بغرز رقبة زجاجة مكسورة في عنقها لتلقى حتفها على الفور.
وبعدها أصدر رئيس الوزراء النحاس باشا قرارًا بإلغاء نظام الفتوات في مصر، وقدمت السينما قصة الراقصة امتثال فى فيلم اخرجه حسن الإمام باسم امتثال، وقامت ببطولته ماجدة الخطيب.