هل تصدق عزيزى القارئ أن الرقص يمكن أن يكون علاجاً؟ قد تكون إجابتك بنعم أنه قد يكون علاجاً من السمنة أو مفيداً فى اللياقة البدنية ونحو ذلك، لكن هل تصدق أن الرقص قد يعالج الشلل؟
هكذا أكدت الفنانة الاستعراضية والرقصة نيللى مظلوم التى تحل ذكرى ميلادها ال 96 اليوم حيث ولدت فى مثل هذا اليوم الموافق 9 يونيو من عام 1925 لأسرة من أصول يونانية، والتى أشارت فى مقال نادر نشرته مجلة الكواكب عام 1957 إلى أنها أصيبت بشلل الأطفال وهى طفلة فى الرابعة من عمرها وأن الرقص عالجها من هذا الشلل.
وأوضحت نيللى مظلوم فى مقالها الذى كتبته تحت عنوان "الشلل خلق منى راقصة" قصتها مع الرقص والشلل قائلة :" تفتحت عيناى على مشاهد الرقص حيث ولدت فى مصر الجديدة وكان إلى جوار بيتنا مدرسة خاصة للرقص والباليه، ورغم ذلك لم يخطر ببالى أن أكون راقصة"
وتابعت: "وأنا فى سن الرابعة صدمت بمأساة حيث أصبت بالشلل الذى أرغمنى على البقاء فى الفراش وحرمنى من أشياء كثيرة لطفلة فى مشل هذا السن، وضاعف من أحزان أمى التى فقدت زوجها وكانت تكافحمن أجلى".
وتابعت نيللى مظلوم التى أصبحت فيما بعد نجمة كبيرة فى عالم الاستعراض والباليه وشاركت فى عدد من الأفلام كنجمة سينمائية وأشهرها ابن حميدو ، وفاطمة وماريكا وراشيل :" كانت أمى تصحبنى معها فى عملها وهى تضعنى فى عربة صغيرة تدفعها بيدها، وكنت طفلة جميلة أخطف نظر من يرانى حتى يدرك أننى مشلولة فتتحول نظرات الإعجاب إلى شفقة وحسرة على حالى"
وأشارت مظلوم إلى أن من بين من أعجبوا بجمالها وهى طفلة تاجر كان يستورد الشكولاتة فرأى فى وجهها وجهاً مناسباً ليضعه على عبوات الشيكولاتة ، وعندما عرف أنها مشلولة بكى واصطحبها إلى طبيب متخصص فى شلل الأطفال.
واستكملت الفنانة الاستعراضية قصتها معع الشلل قائلة :" كان الطبيب غاية فى الرحمة وبذل كل جهده لشفائى، وكان من بين وسائله العلاجية أنه ااستخدم الرقص وأحضر لى اسطوانات موسيقية وأخذ هو وزوجته يساعدانى على المشى على نغمات الموسيقى الراقصة"
وتابعت مفجرة المفاجأة :" لم تمر أسابيع حتى بدأت أمشى ثم تحسنت حالتى وأصبحت أمشى بلا مساعدة وبعد ثلاثة شهور شفيت تماماً من الشلل"
وأشارت مظلوم إلى أن زوجة الطبيب لاحظت أنها تتمتع بمواهب فنية كبيرة فى الرقص فرأت إلحاقها بمعهد للرقص كى تتعلم الباليه ولكن والدتها عارضت، ولكن زوجة الطبيب أقنعتها بأن الرقص يساعد على شفاء ابنتها التام من الشلل، فوافقت الأم خوفاً من أن تنتكس ابنتها.
وقالت نيللى مظلوم:" التحقت بمعهد الرقص ولمع اسمى بين طالبات المعهد وفى حفلاته ، وفى إحدى هذه الحفلات رأتنى سيدة نمساوية كانت افتتحت معهداً للرقص فى مصر، وعرضت على أمى أن ألتحق به، وعارضت والدتى أيضاً ولكن خوفها من معاودة المرض لى جعلها توافق"
وأوضحت مظلوم أنها كانت فى ذذلك الوقت لا تتقن اللغة العربية ولكنها اجتهدت لاتقانها، حيث كانت كل دراستها باللغات الأجنبية، ومضت من نجاح إلى نجاح ، ولمع اسمها بين معاهد الرقص وأصبح عملها مصدراً للرزق وهى فى سن العاشرة ، حتى أعلنت الحرب العالمية الثانية واشتدت الغارات وأغلقت معاهد الرقص، وبدأت نيللى مظلوم ووالدتها يعانون من ضيق الحال حتى باعا بعض أثاث منزلهما.
وأشارت الفنانة الاستعراضية إلى أن أحد معارفها فى المعهد ساعدها على العمل فى أحد الملاهى بالقاهرة بمرتب ضخم، وبالفعل حققت نجاحا كبيراً وتنافست الملاهى عليها حتى بلغ مرتبها 200 جنيهاً فى الشهر وهو مبلغ ضخم فى هذا الوقت.
ولعبت الصدفة دورها فى حياة نيللى مظلوم التى أصبحت أشهر راقصة باليه فى مصر حين رآها المخرج عباس كامل وأعجب بها وتعاقد معها على الظهور فى أحد أفلامه، ومضت فى طريق الفن والسينما حتى اعتزالها فى الستينات.