كثيراً ما يدور الجدل والنقاش حالياً حول تأثير السينما والأفلام والدراما على انتشار العنف بين الشباب والتحريض على ارتكاب الجرائم ، من خلال تقليد الشباب لما يرونه فى الأعمال الفنية من عنف وفى محاولة لتقليد نجوم الفن الذين اشتهروا بتقديم هذه النوعية من الأعمال.
ولكن هل تعلم عزيزى القارئ أن هذه القضية وهذا الجدل ليس جديداً، وأن هذه المناقشة تدور منذ زمن بعيد ناقشتها الصحافة وأهل الفن والفكر والأدب منذ سنوات طويلة.
ففى عدد نادر من مجلة الكواكب صدر عام 1954 ناقشت المجلة هذه القضية تحت عنوان السينما والجريمة، وذلك بعد أن تم ارتكاب أكثر من جريمة قالت المجلة أن مرتكبوها قلدوا الأفلام التى شاهدوها فى السينما، ومنها جريمة سطو على أحد البارات ومهاجمة رواده وقتل أحد العاملين به، وكان مرتكبو الجريمة من الشباب الذين تأثروا بهذه المشاهد فى بعض الأفلام، وجريمة اقتحام فندق فى القاهرة ومهاجمة نزلائه، واعترف الجانى خلال التحقيقات بتأثره بأحد الافلام الأمريكية التى تشابهت احداثها مع أحداث الجريمة.
وهذه الجرائم دفعت البعض للمطالبة بمنع أفلام الجرائم والعصابات لماية الشباب من تأثيرها، وتشديد الرقابة على هذه الأفلام.
وأشارت الكواكب إلى أن هذه المشكلة لا يمكن معالجتها بالمنع المطلق ، مؤكدة أن السينما وحدها ليست مسئولة عن ارتكاب هذه الجرائم وإلا فلماذا لم يتحول الآلاف الذين يشاهدون نفس الأفلام إلى مجرمين، وأن هذه الأفلام لا تؤثر إلا فى أصحاب النفوس الضعيفة وهناك عوامل أخرى تؤثر فى ارتكابهم للجرائم.
وأكدت الكواكب أنه لو سلمنا بأن مشاهدة وقائع العنف والجرائم فى الأفلام تؤدى إلى ارتكاب الجرائم ، فإنه يمكن المطالبة بمنع مشاهد الخيانة حتى نعصم الأزواج من تقليدها ونمنع مشاهد الحب حتى لا يقع فيه الشباب ، وهكذا حتى لا يكون هناك مادة تقدم للجمهور سوى أفلام طرزان وأفلام الوعظ والإرشاد.
وأشارت المجلة إلى أنه ليس معنى هذا أن نفتح الباب على مصراعيه لكل الإفلام ولكن أن نقسم الأفلام تبعا للفئة العمرية التى يمكن أن تشاهدها ، مؤكدة أن الرجل الناضج حين يرى أفلام العنف والجريمة يخرج منها بموعظة وعبرة ، بينما يكون تاثيرها على النشء الصغير مختلفاً، لذلك طالبت المجلة بمنع النشء حتى سن معين من مشاهدة أفلام بعينها، كما تفعل دول العالم، مطالبة بتشريع ينظم ذلك.