دائماً يكون للفن دور كبير فى الأحداث الوطنية الهامة التى يمر بها الوطن، ويحرص نجوم الفن دائماً على المشاركة فى هذه الأحداث الوطنية ليس فقط بالأعمال الفنية ولكن تتجاوز هذه المشاركة حدود الفن وقد تصل إلى حد التضحية بالنفس والوقوف على خط النار فى الأوقات الحاسمة فى حياة الوطن ومنها أوقات الحروب والأزمات.
ولا تقتصر هذه المشاركة على النجوم الرجال ولكن كان للفنانات وجميلات الفن أدواراً هامة فى أوقات الحروب والأزمات التى مرت بمصر ومنها حرب أكتوبر المجيدة، حيث وصلت هذه المشاركة إلى حد تضحية بعضهن بأغلى ما يملكن من الروح ومن فلذات الأكباد فى سبيل الوطن.
ومن بين هؤلاء الفنانات الفنانة الكبيرة شريفة فاضل التى قدمت ابنها الطيار سيد السيد بدير شهيداً فداء الوطن، حيث استشهد فى حرب الاستنزاف قبل حرب أكتوبر، وأصيبت شريفة فاضل بصدمة شديدة، حيث كان الشهيد أول فرحتها وتوقفت عن الغناء بعد هذه الصدمة.
ولكن الفنانة الكبيرة عادت للغناء بعد هذه الصدمة، عندما انتصرت مصر فى حرب أكتوبر، وقالت أم البطل فى حوار لـ "انفراد" : «فرحت لما انتصرنا فى أكتوبر وطلبت من صديقتى الشاعرة نبيلة قنديل تكتب أغنية عن أم البطل المقاتل، علشان كل أمهات الأبطال اللى استشهدوا واللى انتصروا، ونبيلة قعدت فى غرفة ابنى الشهيد نص ساعة، وخرجت ومعها كلمات أغنية أم البطل، وبكيت وأغمى عليا لما سمعت الكلمات، وبعدها طلبت من الملحن على إسماعيل تلحينها وذهبت إلى الإذاعة لتسجيلها».
تبكى وهى تتذكر هذه اللحظات: «كلمات الأغنية كانت صعبة عليا، واتأثرت وأغمى عليا أكتر من مرة وأنا باغنيها، لدرجة إن فايزة أحمد قالتلى طالما مش قادرة تغنيها بلاش، لكن أصريت وسجلتها فى يوم واحد، وكنت دايما باغنيها آخر أغنية فى الحفلات علشان ما بقدرش أغنى بعدها».
أصيبت أم البطل بنزيف فى الشرايين أثناء غناء الأغنية فى إحدى الحفلات وتوقفت فترة عن الغناء، ثم عادت من جديد، وبقيت أغنيتها رمزا لعطاء ومشاعر وصدق أمهات جنودنا الأبطال.
ومن بين الفنانات اللاتى اشتهرن بمواقفهن الوطنية الفنانة الكبيرة تحية كاريوكا التى عرضت حياتها للخطر مرات عديدة من أجل الوطن منذ بدأت مشوارها الفنى وفى وقت مبكر من حياتها حيث كان لها دور بارز فى مساعدة الفدائيين بالاسماعيلية، قبل ثورة يوليو وخلال فترة الاحتلال الانجليزى لمصر وكانت تهرب لهم السلاح فى سيارتها، حتى أن هناك منطقة فى الإسماعيلية معروفة باسم تل كاريوكا كانت تقوم فيها تحية بتسليم الأسلحة للفدائيين.
كما ساعدت كاريوكا السادات على الهرب وخبأته فى مزرعة أقاربها بالإسماعيلية، وحكت عن هذه الواقعة قائلة:«أنا هربت السادات لأنهم قالوا قتلوا أمين عثمان قلت فى داهية عقبال الباقى، وقلت لهم أنا ممكن أعمل أى حاجة».
وبعد ثورة 1952 شاركت كاريوكا فى قطار الرحمة لجمع التبرعات للمجهود الحربى وتبرعت بمجوهراتها، كما جمعت التبرعات للجيش بعد نكسة يونيو 1967، وكان لها دور بارز فى حرب أكتوبر، سواء فى جمع التبرعات أو مع الهلال الأحمر وفى مستشفى قصر العينى، حيث أقامت لشهور بعنبر 21 لخدمة الجرحى والمصابين.