نستمع دائمًا إلى روائعه التى تنقلنا إلى أجواء روحانية، وترفعنا إلى السماء بعذوب كلماتها وصدقها وجمالها، وربما لا يعرف الكثيرون اسم المبدع الذى أبدعها وكتبها.
أنشودة مولاى إنى ببابك وعشرات الروائع التى أنشدها الشيخ سيد النقشبندى، وروائع أغانى فيلم الشيماء، ورائعة تتر مسلسل محمد رسول الله ، وسلسلة أدعية "سبحانك" التى شدا بها العندليب الأسمر عبد الحليم حافظ، وأغانى فيلم فجر الإسلام ومنها "إلى رحاب اليثرب"، وعشرات الروائع التى كتبها الشاعر الصوفى والأديب المبدع عبد الفتاح مصطفى.
لا نبالغ إن قلنا إن الشاعر عبد الفتاح مصطفى المولود في حي الجمالية عام 1924، وتخرج فى كلية الحقوق وحصل على دبلومة في الشريعة الإسلامية، يقترب بالفعل من صفات الملائكة، يكفى أن تختبر ذاكرتك للتتذكر أكثر الأغانى والأعمال الدينية الراسخة فى ذهنك فتكتشف أنه هو الذى كتبها، كما كتب العديد من الأغانى الدينية والعاطفية لأم كلثوم.
فلا تقتصر إبداعات عبدالفتاح مصطفى الذى استحق عن جدارة لقب شاعر الحب والصوفية على الأعمال الدينية، بل له العديد من الروائع العاطفية التى يرددها الجميع دون أن يعرف اسم مبدعها الذى تغنى عباقرة الطرب بكلماته بداية من أم كلثوم: «لسه فاكر، ليلى ونهاري، وأقولك إيه عن الشوق»، وليلى مراد: «راح الهوى»، وكارم محمود: «يا حلو نادى لى»، ومحمد قنديل: «سحب رمشه»، ومحمد فوزي: «عوام، وتملى فى قلبى يا حبيبي»، ومحمد عبدالمطلب:«وردك يا جار الهوى فتح على عوده»
تعددت مواهب الشاعر الكبير عبد الفتاح مصطفى ولم تقتصر على كتابة الأغانى والأشعار، بل كتب سيناريو وحوار أعظم الأعمال الدينية ومنها سيناريو وحوار "مسلسل محمد رسول الله" وحصل عنه على جائزة أحسن سيناريو، إضافة إلى تأليف تتر وأغانى المسلسل، وإبداعاته فى أغانى فيلم الشيماء "ومنها واجريحاه لحن محمد الموجى، وحسبه الله معه لحن بليغ حمدى، وباقى أغانى الفيلم التى لحنها عبدالعظيم محمد، كما كتب كلمات أغانى فيلم فجر الاسلام ومنها " إلى رحاب يثرب"، فضلا عن عشرات الأعمال الاذاعية ومنها (عوف الأصيل -مرزوق -الشاطر حسن - شمس الأصيل- عذراءالربيع- البيرق النبوى).
بدأ عبدالفتاح مصطفى مشواره في الأربعينيات وغنى له موسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب، ثم غنى له الكثير من المطربين، وفي الخمسينيات صار من كتاب المسلسلات والبرامج الإذاعية.
في أواخر الخمسينيات غنت له أم كلثوم بعض الأغاني الوطنية والدينية، ثم غنت له أغاني عاطفية ودينية، ومنها لسه فاكر، واقولك ايه عن الشوق ياحبيبى والتى صرح الشاعر الصوفى بأنه لم يكن يكتبها لامرأة ، ولكن كتبها وهو يقصد رب العزة والحب الإلهى.
كان الشاعر عبد الفتاح مصطفى مرهف الحس قلبه متعلق دائما بحب الله وهو ما يبدو واضحا من أشعاره، ووصفه الموسيقار محمد الموجى بأنه رجل صالح، وقال عنه الشاعر سيد حجاب إنه كان لديه مشروع شعرى متكامل وأشعاره ليست رص كلام كالباقين، ولم يكتب عبدالفتاح مصطفى ما يندم عليه، وفى نهاية حياته تفرغ للعبادة والتضرع إلى الله.
وبلغت قمة إبداع الشاعر الصوفى عبد الفتاح مصطفى فى فيلم الشيماء عندما أراد أن يعبر عن موقف "بجاد" فى أخر الفيلم، فلم يجد أحسن ولا أجمل من كلام الله الذى اقتبس منه المعنى الذى يجسد هذه اللحظة، ففعل مالايستطيع غيره أن يفعله، حيث كتب خمس شطرات تعبر عن المعنى المقصود باحترافية شديدة، " كم ناشد المختار ربه..فى هدى انسان أحبه..لكن وحى الله جاء..إنك لا تهدى الأحبة..والله يهدى من يشاء" ، وتوفى عبدالفتاح مصطفى فى يوليو عام 1984 ، بعد حياة حافلة بالعطاء والروائع والحب الإلهى الذى أهداه وأهدانا مئات الروائع والإبداعات.