وكأننا منهم وكأنهم منا، نستقبل دائمًا الكثير من الفنانين والمنتجين والممثلين والمطربين في "انفراد" بكل الحب والتقدير، يشعون بهجة ومحبة، يتعاملون مع صالة التحرير وكأنها قطعة من بيوتهم، ونتعامل معهم وكأنهم أهل لنا وأصدقاء.
هذا ما يحدث عادة، هذا ما يحدث بالضبط.
غير أن هذا السلوك المعتاد منا ومن نجوم الدراما والفن المصريين، أضيف إليه الكثير من البريق والشغف الأسبوع الماضي، حيث استقبل "انفراد" النجمة الواثقة "لقاء الخميسي" والمنتجة المتألقة "مها سليم" والكاتبة الموهوبة "ميرنا الفقي" وذلك في ندوة احتفالية قررنا فيها أن نحتفل بمسلسل "حتة من القمر" الذي عرض مؤخرًا على قناة سي بي سي وحقق نسب مشاهدة عالية وردود أفعال واسعة وتأثير مجتمعي كبير، والسبب الأبرز لشغفي الكبير لهذه الندوة هو أنني كنت أريد أن أسأل فريق عمل مسلسل كيف استطاعوا أن يحققوا المعادلة الصعبة، وأن ينجحوا في إنتاج عمل على قدر كبير من الجاذبية والجودة في آن واحد، وكيف استطاعوا أن يجعلوا من "الفن الهادف" فنا مبهرا أيضا.
المسلسل يدور حول معاناة فتاة مع "الوحمة" ونظرة المجتمع إليها، خاصة حينما تكون هذه الوحمة في منطقة بارزة في الوجه وتشغل مساحة كبيرة منه، وفي الحقيقة فإن نوعية هذه الأفكار غالبًا ما كانت توصف بأنها خارج اهتمام الجماهير، أو على أنها فكرة "مش بياعة" ولذلك كانت شركات الإنتاج تهرب منها، وهنا تتقاذف لى الذهن الأسئلة، كيف تشكلت الفكرة، وكيف تحمست لها المنتجة؟ وكيف تمت صياغتها بالشكل المحبوك دون أن يطغى جفاف الفكرة على سخونة الحبكة، وكيف نفذها المخرج لتصبح قصة من لحم ودم؟ وكيف تقمصتها البطلة لدرجة أثارت المشاعر واستفزت الدموع فظهر بالشكل الذي أعاد بعض الثقة في جماهير الدراما قبل أن يعيد الثقة في الدراما نفسها؟
كنت خارجًا من مكتب الكاتب الصحفي أكرم القصاص رئيس التحرير، فلمحت الزميل عمرو صحصاح رئيس قسم الفن في قاعة محمود عوض المخصصة للندوات والاجتماعات، وما أن ذهبت إليه لأطمئن علي تجهيزات الندوة حتى وجدت الفنانة لقاء الخميسي جالسة قبل الجميع حاضرة قبل الجميع، وللوهلة الأولى تدرك أنك أمام فنانة لا يشوبها اصطناع ولا ينقصها الحضور، متأنقة ببساطتها التي زادتها جمالا وصدقًا.
لحظات قليلة مرت في السلام والتحية والترحيب، ثم وجدت نفسي مشتبكا معها في نقاش حميمي ساخن عن الجمال والعشوائية وافتقاد شريحة كبيرة من المجتمع لحاسة التذوق الجمالي الذي ترتب عليه عشرات المشكلات التي نعاني منها في الحياة عامة والفن على وجه الخصوص، فتأكدت أنني أمام فنانة ذات وجة نظر معتبرة، أسسها تعليم راق وثقافة متقدة وذكاء يعلن عن نفسه دون ضجيج.
وقبل أن ننتقل إلى مكتب الأستاذ أكرم القصاص ليرحب بحضورها وصلت المنتجة مها سليم، وللوهلة الأولى أيضًا ترى الحماس في عينها وأدائها العام، كما ترى المحبة الحقيقة للفنانة لقاء الخميسي، وكأنهما من أسرة واحدة، دقائق معدودات وانضمت إلينا الكاتبة الموهوبة ميرنا الفقي صاحبة سيناريو المسلسل، فشعرت أن لم شمل الأسرة قد اكتمل، وأن فريق عمل المسلسل فريق بحق، يحمل من الصفات كل ما يحمله الفريق من الناجح الفعال من ود وانسجام وحماس وتفاهم.
استقبلنا الأستاذ أكرم القصاص رئيس التحرير في مكتبه وكان بصحبته الزميلة دينا عبد العليم نائب أول رئيس التحرير، وانضم لنا الزميل عمرو صحصاح رئيس قسم الفن، والزملاء المحررين بالقسم عماد صفوت وعادل عبد الله ومحمد زكريا ولميس محمد، فدارت عدة نقاشات ساخنة، لا تقل حرارتها عما دار في غرفة الاجتماعات، لدرجة أننا ندمنا على عدم تسجيل هذه الأجواء الحميمية الساخنة لإدراجها في تغطية الندوة
سريعا بدأت الندوة، وسريعا انتهت، مر الوقت دون أن نشعر، وتلقائيا وجدت نفسي وقد حذفت السؤال الذي كان يشغل بالي، فقد وجدت الإجابة عليه قبل أن أسأله، فتلك الروح التي تتدفق محبة بين المنتجة مها سليم والنجمة لقاء الخميسي والمؤلفة ميرنا الفقي، وذلك العرفان بالفضل والاجتهاد من جانب حضور الندوة للمخرج محمد عبد الرحمن حماقي أخبرني بما لا يترك للشك مجالا أن سبب البراعة في تقديم فكرة جادة بشكل جذاب هو المحبة التي يحملها الفريق للفكرة والمجتمع والفن، والأهم من هذا هو حبهم لبعضهم البعض.