كانت نجمات الزمن الجميل يتمتعن بلباقة وثقافة واسعة، ويستطعن تمثيل مصر أمام الدول التى يسافرون إليها فى رحلات فنية أو أمام الأجانب من السينمائيين وغيرهم الذين يأتون لمصر بصورة مشرفة.
وفى عام 1953 كانت الصحف الأوربية والأمريكية تهتم اهتمامًا كبيرًا بما حدث فى مصر بعد قيام ثورة يوليو من تغييرات سواء سياسية أو فنية، ولذلك كان مندوبى هذه الصحف يأتون إلى مصر لنقل صورة ما حدث فيها من تغيرات إلى صحفهم، وحرص الكثيرون منهم على زيارة نجوم الفن والتحدث معهم عن أحوال الفن فى ظل التغيرات التى تشهدها البلاد.
وذات مرة زار مندوبو إحدى الصحف الألمانية عددًا من نجمات الفن فى منازلهن وكان من بين هؤلاء النجمات الفنانة الكبيرة تحية كاريوكا، حيث استقبلت زيارة من صحفى ألمانى اسمه فيدلير مع زوجته الصحفية التى كانت تعمل بنفس الصحيفة ومعهما مندوب إحدى المجلات المصرية واللذان قاما بزيارة بعدد من نجمات الفن المصرى وقتها.
وأراد الصحفيان الألمانيان أن يشاهدا لونًا مختلفًا من الفن المصرى الراقص، خاصة مع تميز وشهرة الرقص الشرقى.
واستقبلت تحية الصحفيين فى منزلها بالزمالك وقتها، وأدخلهم الخادم إلى غرفة الصالون الفخمة وجاءت الفنانة الكبيرة فنظر إليها الصحفى فيدلير، وقال إنها أرشق قوام رآه فى حياته، ورحبت تحية بضيوفها وتحدثت معهم بالإنجليزية بطلاقة، وأجابت عن كل أسئلتهم بذكاء ولباقة وخفة ظل كبيرة، وسألها الصحفى: هل يمكن أن يكون الرقص الشرقى رقصًا عالميًا؟
فأجابت كاريوكا بأنها لا ترى هذا ممكنًا لأن مشاعر الأوربيين وغيرهم تختلف عن مشاعر المصريين وأهل الشرق، مفسرة ذلك بأن الرقص الغربى عبارة عن حركات ثنائية يمكن حصرها، أما الرقص الشرقى فهو حركات مفردة تعبيرية لا يمكن حصرها، موضحة أن الموسيقى التى تصاحبه تختلف فى كلا النوعين.
وفى نهاية اللقاء طلب الصحفى الألمانى من تحية كاريوكا أن تقوم أمامهم برقصة شرقية لتسجيلها، فقامت تحية وهى تقول: "أظنكم تميلون للرقص الفرعونى"، ثم بدأت ترقص رقصات تشبه حركات الفراعنة ورقصاتهم المنقوشة على جدران المعابد، وهو ما أذهل الصحفيون الأجانب وأثار إعجابهم.