صورة تحمل من الإبداع ما يظهر كثيراً من ملامح الشخصية حتى وإن حاول صاحب الصورة إخفاء هذه الملامح، نظرة حزن وعمق وعيون كأنها ترى مالا يراه غيرها، تحمل حيرة دفينة وكأنها تبحث عن شيئ ، وقسمات وجه تشبه ملامح القديسين الذين نطالع صورهم فى المعابد والكنائس، هكذا تأخذك تلك الصورة التى احتفظ واعتز بها الفنان الكبير الراحل عهدى صادق ووضعها على تطبيق الواتس آب الخاص به.
تجذبك تلك الصورة كى تدقق فيها كثيراً لعلك تكتشف ما يخفيه صاحبها وما رآه وعرفه صديقه وأبيه الروحى المبدع الكبير صلاح جاهين حين رسمها عام 1973، والذى جمعته علاقة خاصة وقوية مع الفنان عهدى صادق الذى رحل عن عالمنا منذ ساعات.
فى إحدى المكالمات سألت الفنان الراحل الكبير عن هذه الصورة فتحدث عنها وعن حبيبه صلاح جاهين بحب وحنين جارف قائلاً :" كنت قاعد مع حبيبى المبدع صلاح جاهين فى مكتبه سنة 1973 ورسمهالى"
كان الفنان الكبير عهدى صادق لم يتجاوز عمره وقت رسم هذه الصورة 23 عاما ، حيث أنه من مواليد عام 1950 ، وهو ما يشير إلى ثقافته وتوجهاته وصداقاته منذ فترة شبابه ، فارتبط ارتباطاً كبيراً بالشاعر والفنان الكبير صلاح جاهين امتد هذا الاتباط ولم ينقطع حتى بعد وفاة جاهين بأسرته وأولاده ، واعتبر عهدى سامية جاهين ابنته واعتبرته أباها حتى أنه خلال مكالمة معه فى فترة مرضه وبعد إصابته بكسر فى الحوض أكد الفنان الكبير أن سامية جاهين استضافته فى شقة والدها بشارع الألفى وكانت تهتم برعايته ، وكانت ابنة المبدع صلاح جاهين هى التى أعلنت خبر وفاة عهدى صادق حيث كتبت على حسابها بموقع التواصل الاجتماعى :" عموعهدي صادق خلاص ارتاح، كنت بحاول أهيأ نفسي للحظة دي بقالي شوية، وأقول لنفسي إني أبقى أنانية لو اتمنيت له أي حاجة غير إنه يرتاح من آلام المرض، مفيش كلام في الدنيا ممكن يوصف الوجع اللي في قلبي، هتوحشنى أوى يا حبيبي ياللي من يوم ما بابا مشي وإنت واخدني في حضنك ومغرقني حب وعطاء ودلع غير مشروط”
جدير بالذكر أن الفنان الراحل عهدى صادق جمعته علاقة صداقة قوية بالفنان سعيد صالح وكثيراً ما تحدثت هند سعيد صالح عن هذه العلاقة وعن قوتها وأنها تعتبر اصادق مثل والدها الراحل.
وعهدى صادق أحد أركان مجموعة الفنانين الذين شاركوا فى صناعة العصر الذهبى للدراما وتعاونوا مع كبار المخرجين والكتاب وقدموا أشهر وأجمل المسلسلات خلال فترة الثمانينيات والتسعينيات ، حيث تعاون مع المخرج الكبير الراحل إسماعيل عبدالحافظ فى «ليالى الحلمية»، «الشهد والدموع»، ويحيى العلمى فى «رأفت الهجان» وجمال عبدالحميد فى «أرابيسك» و«حلم الجنوبى» و«زيزينيا» و«الركين» وإبراهيم الصحن فى «بوابة الحلوانى» أيضًا لمع فى «ولاد آدم» و«جحا المصرى» و«فارس بلا جواد»، وكان ضمن المجموعة الأساسية التى كان يستعين بها الكاتب الكبير أسامة أنور عكاشة فى معظم أعماله، وهى المجموعة التى ربطتهم علاقات صداقة كبيرة وجمعهم التآلف الفكرى والثقافى.