كان نجوم الزمن الجميل يلتقون دائمًا فى حى الحسين خاصة فى شهر رمضان، حيث كانت هذه المنطقة ملتقى للفنانين والأدباء والشعراء والمفكرين وقبلة للهواة.
وكانت مقاهى حى الحسين تشهد العديد من السهرات الفنية، كما شهدت بدايات عدد كبير من نجوم الفن الذين كانت لهم العديد من الذكريات والطرائف بحى الحسين.
وكان نجوم الزمن الجميل يقدرون أساتذتهم ويحترمون كبرائهم لدرجة تصل إلى حد الخوف، وعدم الجرأة على ارتكاب أى تجاوز أو تدخين سيجارة أمامهم، وهو ما تسبب فى بعض المواقف التى وقع فيها كبار النجوم.
ومن هذه المواقف ما حدث مع موسيقار الأجيال محمد عبدالوهاب فى بداياته ، حيث كان يتبنى موهبته الفنان عبدالرحمن رشدى والذى أسس فرقة من أقدم وأعرق الفرق المسرحية.
وكان عبدالرحمن رشدى شديد الاهتمام بمحمد عبدالوهاب فى بدايته لأنه كان يثق فى أنه سيكون له مستقبل باهر، لذلك حذره من التدخين والسهر حتى يحافظ على موهبته وصوته ، خاصة أن عبدالوهاب كان ضعيف البنية فى صباه .
وذات ليلة ذهب عبد الوهاب إلى حى الحسين، وجلس على أحد المقاهى ليسهر فيها، وبعدها تكرر ذهابه إليها، وشاءت الأقدار أن يضبطه عبدالرحمن رشدى على هذا المقهى فى إحدى السهرات وفى يده سيجارة، وهنا صرخ رشدى فى وجه عبدالوهاب بعد أن تفاجأ به، قائلاً: "وبتدخن كمان"
وسحب عبدالرحمن رشدى موسيقار الاجيال من يده وذهب به إلى شقيقه الأكبر وشكا له وأخبره بأنه ضبطه يسهر على مقهى بالحسين وفى يده سيجارة ، وهنا انهال شقيق عبدالوهاب عليه ضرباً، ومن يومها حرم موسيقار الأجيال على نفسه التدخين.
أما الفنان والمنتج الكبير أنور وجدى فكان فى بدايته تلميذا للفنان الكبير يوسف وهبى وعمل بفرقة رمسيس بعد عدة محاولات وكان شديد الطاعة والخوف من يوسف بك وهبى ، حتى أنه كان إذا تعرض للانتقاد منه أثناء البروفات الفنية كان لا يتمالك دموعه ويبكى خوفاً من أن يقرر الاستغناء عنه.
ومن شدة خوفه من يوسف وهبى كان أنور وجدى لا يجرؤ على التدخين أمامه، وذت ليلة كان يسهر مع بعض أصدقائه على أحد المقاهى فى حى الحسين، وراح يدخن سيجارة تلو أخرى من علبة سجائر صديقه ، وأراد أحد هؤلاء الأصدقاء مداعبته، فصاح قائلاً: "إلحق يا أنور يوسف بك جاى"، فارتبك أنور وجدى ولم يعرف كيف يتصرف ، وبسرعة دون أن يشعر أخفى السيجارة فى جيبه وهى مشتعلة حتى لا يراه أستاذه وهو يدخن، وشاءت الأقدار أن تكون فى جيبه علبة كبريت ، مما أدى إلى اشتعال النيران فى ثيابه، ولولا أنه أدرك الموقف بسرعة وخلع الجاكت وألقاه بعيداً لكان احترق ، وخسر أنور وجدى يومها جاكته الوحيد وكان يمكن ان يخسر حياته بسبب خوفه واحترامه لأستاذه.