يمر اليوم 56 عاما على رحيل الفنان الاستعراضية الجميلة نعيمة عاكف التى رحلت فى مثل هذا اليوم الموافق 23 إبريل من عام 1966 بعد رحلة حياة قصيرة ولكنها مليئة بالفن والنجاحات والأحداث والأحزان، كانت خلالها إحدى أهم نجمات مصر والعالم العربى وأيقونة للاستعراض وصلت شهرتها للعالمية وتركت تراثاً ورصيداً فنياً جعلها تبقى للأبد فى ذاكرة ووجدان الملايين من كل الأجيال.
ولدت الفنانة الراحلة نعيمة عاكف في مدينة طنطا فى عام 1929، وقضت فترة كبيرة من طفولتها في سيرك والدها الذى تدربت فيه حتى أصبحت البطلة الأولى لفريق السيرك وهى في سن 5 سنوات ، ظلت تعمل في السيرك حتى بلغت الرابعة عشر من عمرها.
عملت نعيمة عاكف في فرقة بديعة مصابني ثم في ملهى الكيت كات، ثم شاهدها عدد من المخرجين واستعانوا بها عام 1948، من خلال فيلمَى «حب لا يموت» و«آه يا حرامى»، وفى عام 1949 ظهرت كراقصة فى فيلم «ست البيت»، لكنها قدمت أول أدوارها التمثيلية من خلال فيلم (العيش والملح) بعد أن أعجب بها المخرج حسين فوزى وتعاقد معها على عدد من الأفلام، وتزوجها، وانطلقت فى مشوارها الفنى حتى أصبحت أشهر نجمة استعراضية وحصلت على لقب أحسن راقصة فى العالم.
وكانت نعيمة عاكف تتميز فضلاً عن مواهبها الفريدة بأخلاقها الراقية، وتقربها إلى الله ،على الرغم من أنها لم تتحدث كثيرا عن علاقتها بربها، ورفضت فى إحدى المرات أن يلتقط لها أحد المصورين صورة وهى تصلى، وقالت له إن الصلاة علاقة بينها وبين ربها لا يجب أن تتاجر بها أو تكون محلا للنشر فى الصحافة.
ولكن كان القريبون منها كانوا يعرفون صفاتها وتدينها ورقة روحها، ومحاولاتها وعاداتها للتقرب إلى الله خاصة فى شهر رمضان، الذى تحل ذكرى وفاتها هذا العام خلال هذا الشهر الكريم.
فكانت الفنانة الجميلةتحرص على أن تدعو صديقاتها على مائدة إفطارها ، وكانت تحب شهر رمضان وتقدس شعائره وتتحدث دائما عن فضل الصيام وتحذر المفطرين من عقوبة الإفطار، بل كانت لا تتمالك أعصابها حين تعرف أن أحد من زملائها أو أصدقائها مفطر وقد يتحول الأمر بعد الوعظ إلى خناقة، وهو ما حدث حين دعت نعيمة عدد من صديقاتها للإفطار فى منزلها ، وعلى المائدة عرفت ان إحداهن مفطرة فثارت عليها بغضب ، وأصرت ألا تتناول معها الطعام فغادرت صديقتها المنزل وقد أقسمت كل منهما ان تقطع علاقتها بالثانية وحدثت جفوة بينهما للأبد.
وفى حوار نادر تحدثت نعيمة عاكف عن الصيام وشهر رمضان وذكرياتها وطقوسها معه وقالت إنها تحرص على الصيام منذ كان عمرها 8 سنوات أن والدها كان يقدم كافأة قدرها 20 قرشاً لكل ابنة من بناته تصوم رمضان، مؤكدة أنها كانت تقوم ببطولة فيلم، وصادفت أيام التصوير شهر رمضان وطلب منها المخرج أن تفطر لتتمكن من العمل لكنها رفضت وأصرت على الصيام وطلبت تأجيل التصوير.
ومن أهم العادات التى كات تحرص عليها نعيمة عاكف فى رمضان بعد الإفطار زيارة مساجد الأولياء الصالحين.
وكان من بين أصدقائها الذين تجتمع معهم ويلتقون دائماً هدى سلطان ومديحة يسرى ومحمد فوزى والمخرج نيازى مصطفى وكان يسهر معهم أحيانًا عبد السلام النابلسى والفنانة الكبيرة زينب صدقى.
وكانت هذه المجموعة تحرص على الصيام والمحافظة على الصلاة، وكانت الفنانة زينب صدقى تقوم بمهمة الوعظ والإرشاد لهذه المجموعة حيث عرفت بثقافتها الواسعة وتدينها وأطلق عليها لقب "شكسبيرة الزمالك"، وكان أفراد الشلة يثقون فيها ويستمعون لما تقوله من معلومات باهتمام ويستشيرونها فى أى أمر يحيرهم من الأمور الدينية.
و بعد زواجها الثانى وانجابها لابنها الوحيد محمد بدأت الفنانة الاستعراضية الابتعاد عن الأجواء الصاخبة وعدسات كاميرات المصورين، خلال شهر رمضان، وتفضل أن تقضى أغلب أوقاتها فى الاعتكاف والالتزام بالصلاة وقراءة القرآن، وقاطعت بدلة الرقص، وكانت تقضى أغلب أوقاتها مع ابنها.
وفى عام 1963 شعرت نعيمة عاكف بالإعياء، واكتشفت إصابتها بسرطان المعدة، وعانت أشد المعاناة مع المرض، حتى رحلت عام 1966.