رحل قبل ساعات قليلة المخرج والكاتب المسرحي بيتر بروك بعدما عاش 97 عاما، متنقلاً بين مجلات الإبداع المسرحي، ومفاهيمه، ترك فلسفة رؤية خاصة بأبو الفنون، فاعتبره الكثيرون بأنه فيلسوفه، لقبه النقاد والمسرحيون بأنه أعظم مخرج مسرحي على قيد الحياة، قبل أن تغلق ستار حياته، ويودع جمهوره الذي طالما استمتع بأعماله وأفكاره التي حولت من مفهوم المسرح عالميًا.
وتميز المسرحي الكبير الذي ولد في بريطانيا، وأمضى قسماً كبيراً من مسيرته الفنية في فرنسا، حيث أسس مسرح «ليه بوف دو نور» بأنه أحدث تجديداً في فن الإخراج المسرحي، ويوصف بأنه بأنه أحدث تجديدا في فن الإخراج المسرحي محررا إياه من الديكورات التقليدية.
واعتمد بيتر بروك في إدارته المسرحية على عدة قواعد من أجل نجاح الفرق والعمل ككل، منها وضع خطة محكمة وعمل خريطة، وكان يعتد في إخراجه المسرحي على ثلاثة عناصر متكاملة وهي: النص والجمهور والفرقة من الممثلين. وبالتالي، فمهمة الإخراج أساسية لأن المخرج هو الذي يفسر النص الأدبي، ويمنحه الروح والحياة. وعليه أن يطور أساليبه مع تطور المسرح وآلياته الإبداعية.
وعن تلك العناصر ومفهومه لتكامل من أجل خروج عمل مسرحي ناجح، يقول بيتر بروك:" إن المخرج يعمل من خلال عناصر ثلاثة: النص، والجمهور، والفرقة، وبين هذه العناصر الثلاثة فإن الأول هو الدائم والأساسي، إن واجبه الأساسي هو أن يكتشف كل أهداف المؤلف، وأن يجسدها بكل الوسائل المتاحة له، وحيث إن المسرح يتطور، وحيث إن جغرافيته وميكانيكيته واقتناعاته تتغير فإن أسلوب الإخراج يجب أن يتطور أيضا، ليس هناك إخراج متقن لمسرحية ما، كما أنه ليس هناك الوضع المثالي للإخراج، تماما كأداء الأوركسترا لمؤلف موسيقي، فإن وجود المؤلف الموسيقي منفصل تماما عن عروضه".
وقال عن إدارة تلك العناصر في كتابه "النقطة المتحولة": "موجود كي يضع مختلف العناصر والوسائل طوع إرادته: الأضواء والألوان والمشهد المسرحي والأزياء والماكياج، إلى جانب النص والأداء، ثم يلعب عليها جميعا كما لو كانت لوحة مفاتيح، وبضم هذه الأشكال التعبيرية معا يستطيع المخرج خلق لغة إخراجية خاصة، يكون الممثل فيها اسما هاما دون شك، لكنه يبقى لباقي عناصر النحو كي يكتسب المعنى، وهذا هو مفهوم المسرح الشامل الذي يعني المسرح في أقصى درجات تطوره".