يتزامن، اليوم الخميس، الرابع من أغسطس مع ذكرى ميلاد الفنانة الراحلة بهيجة حافظ، وربما لا يعرف الكثيرون أنها كانت أول وجه سينمائى يظهر على الشاشة وإحدى أوائل رائدات الفن التى وصلت لمكانة لم يصل إليها أحد، وتعددت مواهبها لدرجة أنها أبدعت فى العديد من المجالات الفنية وكانت أول مصرية كتبت المقطوعات الموسيقية التى أذاعتها محطات العالم، كما كانت مخرجة وممثلة ومؤلفة، وتوفيت بعد حياة حافلة فى مثل هذا اليوم الموافق 13 ديسمبر من عام 1983 بشكل مأساوى، حيث ماتت وحيدة ولم تكتشف وفاتها إلا بعد أيام من رحيلها.
ورغم ذلك إلا أن بهيجة حافظ عاشت حياة صعبة، ولم تكن نهايتها تتناسب مع ما قدمته للسينما، فرغم الشهرة والغنى والنجاح الذى حققته بهيجة حافظ محليا وعالميا، ورغم أنها ولدت وفى فمها ملعقة ذهب، وذاع صيتها وشهرتها فى العالم، إلا أن نهاية حياتها جسدت مأساة الوحدة والعزلة وغدر الدنيا.
اختلفت المصادر حول سنة ميلاد بهيجة حافظ ففى حين ذكر موقع ويكيبدبا أنها ولدت عام 1908، كتبت بهيجة حافظ نفسها فى مذكراتها أنها مواليد عام 1912.
وقالت "أنا بهيجة حافظ ابنة إسماعيل باشا حافظ المولودة فى الإسكندرية سنة 1912، ولدت وقد احتضننى مهد من الحرير ورضعت اللبن من إناء مذهب".
وتابعت "كنت أعيش فى منزل أشبه بمعهد الموسيقى لأن أبى وأمى وأخوتى كانوا يجيدون العزف على الآلات الموسيقية المختلفة، وألحقنى والدى بمدارس الفرنسيسكان ثم الميردى ديو".
درست بهيجة حافظ الموسيقى فى فرنسا واستطاعت فى سن مبكرة تأليف العديد من المقطوعات الموسيقية التى أذاعتها محطات العالم فى أوروبا وأمريكا، وكانت أول مصرية تُقبل عضوةً في جمعية المؤلفين بباريس واستعان بها المخرج محمد كريم لبطولة فيلم "زينب" الصامت، فكانت أول ممثلة تظهر على الشاشة الفضية ، وبعدها أسست بهيجة شركة إنتاج وأنتجت وأخرجت عددا من الأفلام الناطقة التى شاركت فى مسابقات عالمية ومنها "الضحايا، الاتهام، ليلى بنت الصحراء"، وألفت مئات المقطوعات الموسيقية.
ابتعدت بهيجة حافظ عن السينما، بعدما خسرت مبالغ كبيرة وصلت إلى ١٨ ألف جنيه فى ذلك الوقت لإنتاج فيلم ليلى بنت الصحراء الذى رشح للعديد من الجوائز الدولية، لكن تم سحب الفيلم ومصادرته ومنع عرضه بعدما اعترضت إيران عليه ورأت أنه يسىء لتاريخ الفرس فى وقت كانت الأميرة فوزية شقيقة الملك فاروق متزوجة من شاه إيران، وهو ما تسبب فى خسائر فادحة لبهيج حافظ رغم أنه أعيد عرض الفيلم فى الأربعينيات بعد تعديل بعض المشاهد وتغيير اسمه إلى ليلى البدوية.
وأنشئت بهيجة حافظ أول نقابة الموسيقيين، وأصبحت الف أول نقيبة، كما أنشأت صالونها الثقافي الخاص عام 1959 داخل قصرها المجاور لقصر هدى شعراوى في شارع قصر النيل وكان من بين حضوره، كبار الشعراء والفنانين والموسيقيين ، و كانت تعقد فيه ندوات فنية غنائية ، تعزف فيها بهيجة حافظ على البيانو، وكان لديها مكتبة زاخرة بشتى الكتب عن الفن أو الأدب باللغتين العربية والفرنسية.
وبعد فترة خفتت الأضواء عن الفنانة الكبيرة وفى نهاية حياتها ظلَّت بهيجة حافظ طريحة الفراش لسنوات طويلة، لا يطرق بابها إلا القليل من معارفها، حتى اكتشف الجيران وفاتها بعد يومين ، وحضرت شقيقتها وابن شقيقها من الإسكندرية، وشيعت لمثواها الأخير دون أن يمشي في جنازتها أحدًا من الفنانين، ودفنت في مدافن الاسرة في القاهرة، ولم يتم كتابة النعى في الصحف أو حتى إقامة العزاء ليلاً.
ورغم شهرتها العالمية لم يعد الكثيرون يعرفون اسم بهيجة حافظ حتى رأوا صورتها تتصدر مؤشر جوجل العالمى، فى 4 أغسطس من العام الماضى عندما قرر جوجل أن يحتفل بميلاها ويذكر العالم برائدة الفن والموسيقى، الممثلة والمنتجة والمخرجة، وصاحبة مئات المقطوعات الموسيقية التى عزفتها وأذاعتها محطات العالم وبنت الباشوات التى ماتت وحيدة منسية.