يمر اليوم الخميس 129 عاما على ميلاد المبدع الكبير بديع خيرى الذى ولد فى مثل هذا اليوم الموافق 18 أغسطس عام 1893، ليكون أحد أنهار الإبداع فى مصر والعالم وتتعدد مجالات إبداعه وروائعه التى تعيش على مر الأجيال لتكون ملهمة للكثير من المبدعين فى مجالات الفن ويتمتع بها الملايين من أجيال لم تعاصره.
وبديع خيرى هو أحد صناع ثورة 1919 وكاتب أهم أغانيها ومنها «قوم يا مصرى، ويا بلح زغلول»، وهو المبدع متعدد المواهب، فهو رائد المسرح، وشاعر ومؤلف وكاتب سيناريو، شريك وصانع مسرح الريحانى ورفيق عمره، وصديق وصانع روائع فنان الشعب سيد درويش الذى جسد كل معانى التعايش معبرا عن هذا الانصهار بين أبناء الشعب المصرى والشعوب التى انصهرت معه، فكتب الزجل والأغانى بلسان المصرى والسودانى والإيجريجى «دنجى.. دنجى»، «مخسوبكوا أنداس»، وغنى بلسان الموظف والشيال والصعيدى والفلاح والجرسون الصحفى «شد الحزام على وسطك، يا حلاوة أم إسماعيل، هز الهلال ياسيد، الحلوة دى قامت تعجن، البحر بيضحك ليه، اقرأ يا شيخ فقاعة تلغراف آخر ساعة، آه ده اللى صار»، وتنوعت إبداعاته فكتب أجمل أغانى محمد فوزى «شحات الغرام، وليا عشم وياك ياجميل»، ولأسمهان «عليك صلاة الله وسلامه»، كما كتب سيناريو أول فيلم عربى يتحدث عن الحارة المصرية وهو فيلم «العزيمة»،
وفضلا عن كل هذه المواهب أصدر بديع خيرى عددا من الصحف والمجلات التى قام من خلالها الاستعمار، حيث أصدر 4 مجلات ضد الاحتلال، ومنها مجلة ألف صنف التى أغلقتها سلطات الاحتلال وبعدها أسس خيرى مجلة «الغول»، وكتب فى الترويسة «هذه المجلة لترهيب الاستعمار» فتم إغلاقها، ثم افتتح مجلة «النهاردة»، وكتب فى الترويسة «المجلة للدفاع عن الدستور»، فأغلقت أيضًا، ثم أسس مجلة «مصر الحرة».
وما لا يعرفه الكثيرون أن بديع خيرى هو أحد صناع أول فيلم كارتون عربى ، حيث وضع سيناريو أول فيلم كارتون مصرى فى الثلاثينيات ونفذه الأخوة فرنكل وناقش هموما وقضايا مصرية فى سلسلة حلقات حملت اسم «مشمش أفندى»، وكانت تعرض فى السينما وتحدثت عنه الصحافة العالمية وقتها تحت عنوان «ميكى ماوس أصبح له أخ مصرى»، ويوضع هذا الكرتون فى سجلات التطور التاريخى لفن الكرتون فى العالم.
ومن المدهش أيضاً أن مواهب بديع خيرى لم تتوقف عن هذا الحد بل أنه غنى و لحن، حيث كشف بديع خيرى خلال لقاء النادر أنه غنى فى الأوبرا من ألحان الشيخ ذكريا أحمد عندما طلبت منه هدى شعراوى رئيس الاتحاد النسائى الإعداد لحفلة بالأوبرا يحضرها صفوة المجتمع لجمع تبرعات لمساعدة الطلبة الفقراء، وكتب خيرى كلمات الأغانى، وفوجئ يوم الحفل باحتباس صوت الشيخ ذكريا أحمد وفشلت كل المحاولات للاستعانة بمطرب آخر، واضطر خيرى للغناء بنفسه، مشيرا إلى أنه أعجب الجمهور وأهدته هدى شعراوى عباءة من الحجاز، بل كشف بديع خيرى خلال اللقاء أن الشيخ ذكريا أحمد ومنيرة المهدية اشتركا فى دويتو من ألحانه، موضحا: «اتفقت على كتابة كلمات أسطوانة للفنانة فاطمة قدرى، فكتبت دويتو «شربات التوت» ولحنته، وبينما أقوم بتحفيظ اللحن لفاطمة قدرى كانت سلطانة الطرب منيرة المهدية فى غرفة مجاورة، فسمعت اللحن وأعجبها، وصممت أن تغنيه وعندما أخبرتها بأنه دويتو غنائى اختارت الشيخ ذكريا أحمد ليغنيه معها، ووافق لأنه فرح بالغناء إلى جوار منيرة المهدية، وكان هذا بداية معرفتى وصداقتى بالشيخ زكريا».