شهد المسرح المصري عام 2022 الكثير من العروض المسرحية، فقد قدم مسرح الدولة متمثلا في البيت الفني للمسرح 1000 ليلة عرض على مسارحه بالقاهرة والإسكندرية والمحافظات، حضرها 75000 مشاهد بالقاهرة والإسكندرية، بينما تعدى جمهور المحافظات الـ100 ألف مشاهد خلال عروض المواجهة والتجوال، قدم بيت المسرح 65 عرضا منها 15 عرضا جديدا، كما شهد البيت الفنى للمسرح خلال الفترة الماضية اجتماعات مكثفة لإعداد خطة عروض عام 2023، وذلك مع تولى المخرج خالد جلال رئيس قطاع الإنتاج الثقافى منصب القائم بأعمال البيت الفنى للمسرح الانطلاقة الثالثة لمسرح المواجهة والتجوال.
وقدم مسرح القطاع الخاص حوالي 30 عملا مسرحيا منها ما قدم في القاهرة ومنها ما قدم في السعودية ، كما شهد العام المنقضي عدة مهرجانات هامة قدمت فيها عروضا قيمة وكان حضور الجمهور كذلك فيها كبير ، كما تم إعادة بعض العروض المسرحية ، وانفراد مع بداية العام الجديد نقيم حال المسرح المصري وأبرز الظواهر المسرحية من خلال عدد من المسرحيين من أطياف مختلفة ، ويضع كل منهم أحلامه وطموحاته للمسرح المصري خلال الفترة المقبلة .
المخرج والناقد المسرحي د.عمرو دوارة قال لـ "انفراد" : "للأسف الشديد أن أدق وصف لأحوال المسرح العربي اليوم هو : "طجيج بلا طحن"، حيث تراجع التأثير الإيجابي للمسرح برغم تعدد الفعاليات بافتقاده للتواصل المنشود مع الجمهور، وتعد ظاهرة كثرة المهرجانات المحلية والعربية هي أبرز الظواهر التي شهدها المسرح خلال هذا العام، حيث تزايد عددها بصورة مبالغ فيها جدا، وللأسف فقد تحولت هذه الظاهرة الإيجابية إلى ظاهرة سلبية خلال السنوات الأخيرة بعدما أصبحت ينظم بمصرنا شهريا في المتوسط ثلاثة مهرجانات مسرحية، فتداخلت مواعيد تنظيمها كما تم تكرار مشاركة كثير من العروض ببعض المهرجانات، وكذلك تكررت أسماء أغلبية المكرمين والمشاركين في اللجان المختلفة وخاصة بالمهرجانات الدولية، والحقيقة التي يجب تسجيلها هي أن التمثيل المصري بالمهرجانات العربية لم يكن مشرفا على الإطلاق ولم تحظ فرقنا بأي جوائز أو حتى إشادات نقدية !!
قال المخرج ناصر عبد المنعم : "لو تحدثنا عن مستوى العروض فنجد أنه لا يختلف الحال عن باقي المواسم ، هناك عروض جيدة وعروض متوسطة وعروض دون المستوى ، الحضور الأعلى هذا العام على مستوى إنتاج فرق مسرح الدولة كان لفرقة مسرح الطليعة حيث انتزع عرض " الحب في زمن الكوليرا" القدر الأكبر من جوائز المهرجان القومى للمسرح المصرى وشارك عرض"ليلة القتلة" ، ولكن العام ينتهي خبر غير سار للمسرح المصري بإعلان عدم مشاركة أي عرض مصري في التنافس على جوائز مسابقة مهرجان المسرح العربي الذي تنظمه الهيئة العربية للمسرح وينعقد يناير القادم في المغرب .
بينما يري الناقد المسرحي أحمد عبد الرازق أبو العلا أن الموسم المسرحي في عام 2022 ، لم يكن منتظما بالشكل الذي نستطيع معه أن نقول إن عروضا متنوعة قدمتها المسارح بتعدد مسمياتها ، حتى أن الشهور الماضية ، ومنذ تم تغيير رئيس البيت الفني للمسرح ، لم تقدم إنتاجا جديدا ، وما قدم هو إعادة لعروض سابقة تم عرضها في بداية الموسم ، ولذلك جاء العدد قليلا ، عن العروض المسرحية في مواسم سابقة ، والنقطة الثانية : أن المؤلف المسرحي غاب عن معظم العروض في هذا الموسم ، وحل محله ما يسمي مغالطة ( الدراماتورج ) مرة ، والإعداد مرة ثانية ، وتلك المسألة ليست في صالح المسرح المصري ، والدليل على ذلك أن العروض القليلة التي شاركت في مهرجانات عربية ، لم تحصل على جوائز ، بما يعني تراجع الجودة الفنية ، هذا فضلا عن المشاركات التي تمت لعروض المسرح المصري في المهرجانيين الرسميين ( المهرجان القومي للمسرح المصري – المهرجان الدولي للمسرح التجريبي ) جاءت قليلة ، وغير ملفته ، وتفوقت عليها عروض الهواة، هذا فضلا عن أن مسارح الدولة لم تلتزم بمسمياتها التي تمنحها التنوع ، فاختلط الإنتاج ، حتى أن المسرح القومي العريق قدم عرضا محسوبا على الكوميديا ومُعد أيضا ، وهذا لا يتوافق أبدا مع طبيعة هذا المسرح الذي يمثل ( المسرح المصري ) رسميا ، والأمر نفسه حدث مع المسارح الأخرى - فيما يتعلق بخروجها عن التخصص - فيما عدا ( مسرح الطليعة ) الذي التزم بمسماه في العروض الثلاثة التي أنتجها هذا العام.
ومن جانبه قال المخرج والمؤلف شاذلي فرح : شهد المسرح هذا العام ظهور أسماء جديدة من التأليف وجدت علي الساحة من الشباب وهذا أمر مبشر ، كما أفرزت لنا الساحة مخرجين شباب قدموا عروضا لاقت نجاحا كبيرا سواء جماهريا أو فنيا ، بالإضافة إلي إقامة الفاعليات الكثيرة خاصة في قصور الثقافة متمثلة في مهرجان نوادي المسرح والتجارب النوعية إلي جانب المهرجان القومي والتجريبي وغيرهم ولا نستطيع أن ننسي الشباب والرياضة بمسابقتها كل ذلك يصب في النهاية لصالح مصر التي تعتبر أولي الدول في الإنتاج المسرحي والذي يصل هذا الإنتاج لما يقرب من خمسة ألاف مسرحية في العام بأكثر من مائة ألف ليلة عرض في كل ربوع مصر ، وأتمني أن ينتهي المجتمع الأبوي في المسرح وفرض السلطة علي المبدعين ، وأتمني في 2023 أن يكون هناك مسابقات للنصوص المسرحية لأن هناك العديد من المسابقات مثل مسابقة توفيق الحكيم التي تم إلغائها ، فأتمني الإهتمام بالمؤلفين أكثر .
وقال المخرج السعيد منسي : من خلال مشاهدتي لعروض2022 فأري أن مستوي العروض جيد ، ولكن الإنتاج ليس بالغزارة المعروفة والمعتاد عليها ، فعروض البيت الفني للمسرح نجد أن كل مسرح أنتج عرض أو إثنين ، ويظل مسرح الثقافة الجماهرية والجامعة هم الأكثر غزارة في الإنتاج ، ولكن كان هناك مشكلة في تضارب المهرجانات ومواعيدها وهذا الأمر يظلم فيه المتلقي الذي يعتبر هو الهدف الأساسي من أي مهرجان ، وهذا يعتبر أكبر عيوب العام ، وبالطبع الحالة الاقتصادية قد قصرت علي الإنتاج ولكننا لا نستطيع اللوم لأن الحالة الاقتصادية قد أثرت علي جميع المجالات ، وللأسف المساحة المتاحة للعروض في2023 قليلة جدا لذا أتمني أن يكون المسرح موزع علي العام بأكمله .
بينما قال الناقد باسم صادق : الشباب هم المكسب الحقيقي خلال عام 22 فقد استطاعوا أن يرسموا مشهدا مسرحيا حافلا بالطاقة والحيوية سواء على مستوى التمثيل أو الاخراج أو حتى المحاولات الجادة والمبشرة في التأليف والإعداد المسرحى.. ولدينا أمثلة كثيرة على ذلك منها مينا بباوى الذي قدم دراماتورج واعي ولافت لرواية ماركيز الحب في زمن الكوليرا.. وكان سببا أساسيا مع باقي عناصر العرض في حصده لجوائز المهرجان القومى للمسرح.. بالإضافة إلي ابطال العرض من الشباب الواعد والإخراج المتميز لسعيد منسي ابن جيل الوسط..
وتابع :محمد الحضري الحاصل على جائزة المخرج عصام السيد في مهرجان شرم الشيخ الدولي للمسرح الشبابي قبل أيام عن إخراجه لعرض الرجل الذي أكله الورق والربط المعاصر لاثنين من أهم نصوص المسرح.. محمد السورى في عرض بنت القمر .. محمد عادل في عرض المطبخ.. زياد هاني كمال في عرض استدعاء ولي أمر.. محمد عز الدين القادم من الخلفية السينمائية ليقدم دراما لافتة في كاليجولا وبأداء جامح الحضور لمحمد على رزق. فهناك اسماء شبابية كثيرة استطاعت أن تحقق حضورا مسرحيا طاغيا خلال هذا العام ،ورغم غياب التأليف المصري الخالص عن مسارحنا الا في بعض المحاولات فإن هؤلاء الشباب يستطيعون تعويض ما فات في الشهور القادمة ،غابت أيضا هذا العام عن مسارح الدولة العروض الكوميدية بلا سبب واضح ولولا عرض شابوه المعروض حاليا على مسرح مركز الابداع الفنى وما يطرحه من رؤية شبابية جاذبة للغياب الصارخ للأعمال الهادفة في إطار كوميدى شديد الرقي لافتقدنا واحدا من أهم أنواع الفرجة المسرحية خلال العام .