حياة الإسكندر الأكبر كانت محيرة ولغزا كبيرا لدى المؤرخين، واختلفت الروايات التاريخية حول شخصيته، وأيضا اختلفت الأفلام السينمائية التى تناولت مسيرته، فبعضها قدمه على أنه شخصية مؤثرة وفيلسوف حكيم وقائد عظيم، وأفلام أخرى أظهرته فى شكل سكّير وزير نساء وماجن ومستهتر.
واليوم 10 يونيو تمر ذكرى رحيل الإسكندر الأكبر حيث توفى فى مثل هذا اليوم من عام 323 قبل الميلاد، وهو لمن لا يعرفه بتعمق كان فاتحا عسكريا لإمبراطورية امتدت من بلاد الإغريق حتى "فارس والهند"، وأسس 18 مدينة تحمل اسم "الإسكندرية"، ومات عام 323 ق.م شابا، لم يكمل عامه الثالث والثلاثين. لذلك وجد المخرجون أنفسهم أمام شخصية تاريخية معقدة ومركبة كانت بمثابة مادة دسمة لأفلام "الإسكندر"، ونستعرض أهم الأفلام التى تناولت حياته وكيف قدمته السينما بأكثر من وجه؟
يأتى فيلم "الإسكندر الكبير" عام 1956 للمخرج "روبرت روسين" كأول الأفلام التى تناولت حياته، وقام بدور الإسكندر الأكبر فى ذلك الفيلم "ريتشارد بورتون"، ولكن هذا الفيلم لم ينل حظا من النجاح والشهرة والانتشار؛ لأنه كان تقليديا فى سرد القصة كما هى موجودة فى كتب التاريخ.
فيلم "Alexander" الذى تم تمثيله عام 2004 عن حياة "الإسكندر" نال شهرة واسعة ونجح نجاحا دوليا ساحقا، وهو من إخراج "أوليفر ستون"Oliver Stone ، ويعتمد الفيلم فى أحداثه على كتاب "الإسكندر الكبير" للمؤرخ "روبن لين فوكس"، وقد أثار جدلا كبيرا، وتعرّض لانتقادات كثيرة وسخرية، وقام النجم "كولين فاريل" Collin Farrell بدور "الإسكندر"، ويبين الفيلم أهم لحظات حياة الإسكندر فى طفولته وشبابه ووفاته، والعلاقة السيئة مع والده "فيليبوس"، وغزواته للإمبراطورية الإخمينية عام 331 ق.م، وبذل الجهود للوصول إلى إمبراطورية عالمية، وركز هذا الفيلم على جانب واحد من حياة الإسكندر، حيث أظهر الجانب الغريزى المتهور والماجن، لذلك اعتبر السينمائيون الفيلم عبارة عن إهانة للحقبة التاريخية آنذاك، ولا يليق بـ"الإسكندر الكبير".
وصوّر "أوليفر ستون" أغلب مشاهد الفيلم فى "المغرب وتايلاند ولندن"، وقد تعرّض هذا الفيلم لعدة انتقادات من قبل المؤرخين، من حيث الوقائع واللباس وطريقة الماكياج، وانتقدوا الحفلات وطريقة التزيين التى ظهرت فيها "أنجيلينا جولى" والتى كانت أقرب إلى الملكة "كليوباترا"، إذ الأسلوب العربى كان طاغيا فى الفيلم، ولم يكن الأسلوب الفارسى "الإخمينى"، وأيضا ظهرت نوافذ المبانى زجاجية رغم أن استخدام الزجاج لم يكن إلا بعد 300 سنة تقريبا وعلى يد الرومان، ومنارة الإسكندرية فى مشاهد "بطليموس الأول" مضاءة، وهى لم تضاء إلا فى عهد "بطليموس الثانى".
وفى مصر تم تصوير الفيلم العالمى الإسكندر الأكبر، وهو إنتاج أمريكى ـ إنجليزى ـ يونانى ـ مصرى مشترك، وتم التصوير آنذاك بمدينة الإنتاج الإعلامى، ولعب شخصية الإسكندر الممثل سام هيوجن، وشارك فى الفيلم من مصر هالة صدقى وسامى العدل وشريف رمزى، الذى قدم دور ليكوميدس صديق الإسكندر.
وهناك عدد من الأفلام الوثائقية قدمت أيضا حياة الإسكندر؛ ففى عام 2005 قام المخرج "جيم ليندسى" Jim Lindsay بتجسيد حياة "الإسكندر الأكبر" فى فيلم وثائقى "The True Story of Alexander The Great" من بطولة "ميشيل كارديل" Michel Cardelle الذى قام بدور "الإسكندر"، و"بريدتيا تومارشيو" Brigdetta Tomarchio التى قامت بدور "أولمبياس" أم "الإسكندر"، و"جيمى وولش" Jamie Walsh التى جسّدت دور "كليوباترا".
وأيضا هناك فيلم وثائقى عن "الإسكندر الأكبر" واسمه The Man Behind The Legend، وهو فيلم وثائقى من إنتاج قناة "ناشيونال جيوجرافيك" ومدبلج للعربية.
يذكر أن الإسكندر الثالث المقدونى كان معروفا بأسماء عديدة أبرزها الإسكندر الأكبر، والإسكندر الكبير، والإسكندر المقدونى، والإسكندر ذو القرنين وهو أحد ملوك مقدونيا الإغريق، ومن أشهر القادة العسكريين والفاتحين عبر التاريخ، وتتلمذ على يد الفيلسوف والعالم الشهير أرسطو، حتى بلغ ربيعه السادس عشر، وبحلول عامه الثلاثين، كان قد أسس إحدى أكبر وأعظم الإمبراطوريات التى عرفها العالم القديم، والتى امتدت من سواحل البحر الأيونى غربًا وصولاً إلى سلسلة جبال الهيمالايا شرقًا. ويُعد أحد أنجح القادة العسكريين فى مسيرتهم، إذ لم يحصل أن هُزم فى أى معركة خاضها على الإطلاق.