لا شك أن رحيل الشاعر الكبير سيد حجاب يشكل خسارة فادحة للوسط الثقافى والفنى لأنه كان من أهم شعراء العامية فى النصف قرن الماضى فقد كتب الراحل الكثير من الأشعار الغنائية لكبار المطربين، وكتب أيضا الكثير والكثير من التترات لأشهر المسلسلات المصرية التى بمجرد سماع تترها نتذكر كل أحداث المسلسل بل أن تترات مسلسلاته يغنيها مطربيها فى حفلاتهم ليمتعوا الجماهير بها.
من منا لا يستمتع بتتر مسلسل "ليالي الحلمية " الذى غناه المطرب محمد الحلو قائلا: "متتسرسبيش يا سنيننا من بين أيدينا" فقد أصبحت كلماته محفورة ومحفوظة فى وجدان كل مصرى وأصبحت مقاطع أغانيه أيقونات يغنيها مطربيها.
فكلمات سيد حجاب المعبرة جسدها صوت محمد الحلو وكانت حالة مرتبطة بمسلسل «ليالى الحلمية» بمقدمة مشحونة بالشجن والحنين إلى أيام مرحلة تاريخية هى الأهم فى تاريخ مصر الحديث، من نهايات عهد الملك فاروق حتى مطلع التسعينيات ومازالت كلمات تتر بداية المسلسل عالقة بالأذهان بمقدمتها التى تقول: "منين بيجى الشجن، من اختلاف الزمن.. ومنين بيجى الهوى، من ائتلاف الهوى.. ومنين بيجى السواد، من الطمع والعناد.. ومنين بيجى الرضا، من الإيمان بالقضا".
كما حظى تتر النهاية بنفس شهرة وشعبية البداية: "ولفين ياخدنا الأنين، لليالى ما الهاش عينين.. ولفين ياخدنا الحنين، لواحة الحيرانين.. ما تتسرسبيش يا سنيننا من بين إيدينا.. ولا تنتهيش، ده احنا يا دوب ابتدينا.. واللى له أول، بكرة حيبان له آخر.. وبكرة تفرج، مهما ضاقت علينا".
الانسجام بين موسيقى عمار الشريعى وكلمات سيد حجاب وصوت حسن فؤاد كان السبب فى نجاح واستمرار تتر مسلسل أرابيسك، فكلمات حجاب المعبرة وألحان الشريعى أصبحت حاضرة وعالقة فى الأذهان حتى وقتنا الحالي بكلمات مقدمته الحالمة "وينفلت من بين إدينا الزمان، كإنه سحبه قوس فى أوتار كمان، وتنفرط الأيام عود كهرمان، يتفرفط النور والحنان والأمان".
وفى مسلسل المال والبنون أبدع حجاب وأكمل إبداعه على الحجار وحنان ماضى بكلماته التى تقول "قالوا زمان دنيا دنية وغرورة، قلنا واللى تغره يخسر مصيره.. قالوا الشيطان قادر وليه ألف صورة، قلنا ما يقدر على اللى خيره لغيره".
ومن روائعه أيضا مسلسل "الشهد والدموع" الذى اجتمع فيه الثلاثى الرائع سيد حجاب وعمار الشريعى وعلى الحجار ليبدعوا فى تتر مازالت كلمات مقدمته التى تبدأ بـ"تحت نفس الشمس وفوق نفس التراب كلنا بنجرى وراء نفس السراب، كلنا من أم واحدة أب واحد دم واحد بس حاسين باغتراب" باقيه ومعبرة عن أحداثه حتى اليوم.
"مين ده اللى ما يحبش فاطمة" سؤال وجهه الشاعر سيد حجاب للجمهور فى بداية تتر مسلسل «من الذى لا يحب فاطمة»، فكانت كلمات الأغنيه العامية التى أصبحت أكثر من أحداث المسلسل نفسه بصوت الفنان محمد ثروت، من ألحان ميشيل المصرى «بين ريح وأمواج متلاطمة وأسود غطيس وأصفر رنان، مين اللى ميحبش فاطمة لو فاطمة طاقة نور وحنان، بين غربتك فى ديار أهلك وغربتك فى بلاد الله».
بصوت على الحجار المميز وألحان الموسيقار بليغ حمدى وكلمات المبدع سيد حجاب، يحكى تتر بوابة الحلوانى الأشهر على الإطلاق حكاية فترة مهمة فى تاريخ مصر، وأصبح تعبير مقدمة المسلسل الذي يقول أن من بنى مصر «حلوانى» أحد التعبيرات الدارجة فى العامية المصرية، مع نجاح وانتشار المسلسل.
"اسم الشهرة سيد أوبرا، فن الأوبرا هوايته الكبرى، والمهنة إنسان أفوكاتو، المحاماة والأوبــرا حياته" بهذه الكلمات أبدع حجاب مرة أخرى مع المسيقار عمار الشريعى بصوت الفنانه عفاف راضى، ومن إبداعته أيضا تتر مسلسل "أبنائى الأعزاء شكراً" الذى قام بغنائه المجموعة ولحنه العظيم أيضا عمار الشريعى.
تمنى كل المطربين الغناء من أشعار سيد حجاب ذلك الرجل الذى ظل مبدعا لأكثر من نصف قرن وكان المطرب بمجرد الغناء له يدخل دائرة الشهرة فقد غنت له عفاف راضى للأطفال وعلى الحجار ومحمد الحلو أشهر من غنوا تتراته وعبد المنعم مدبولى وصفاء أبو السعود كتب لهم أغانى للأطفال ثم كتب أغانى لفريق الأصدقاء فى ألبومها، ثم أتبعه بألبومين هما "أطفال أطفال" و"سوسة".
لحن له بليغ حمدى أغنيات لعلى الحجار وسميرة سعيد وعفاف راضى، وقدم معه الحجار "تجيش نعيش" وكتب لمحمد منير فى بداياته أغنية "آه يا بلاد يا غريبة" فى أول ألبوم له، ثم أربع أغنيات فى ألبومه الثانى، ثم كتب أشعار العديد من الفوازير لشريهان وغيرها بجانب العديد من تترات المسلسلات التى عرض بعضها فى رمضان.