ولما أموت..
لو مت ع السرير ابقوا احرقوا الجسد..ونطوروا رمادى ع البيوت..
وشوية لبيوت البلد..وشوية ترموهم على تانيس
وشوية حطوهم فى إيد ولد..ولد أكون بُسُته.. ولا أعرفوش..
تلك كانت كلمات الشاعر الكبير سيد حجاب في قصيدة حملت عنوان "وصية سيد حجاب"، الذي رحل عن عالمنا منذ قليل، عن عمر يناهز ال77 عام، لتخسر مصر واحدا من أهم أعمدة شعر العامية في العالم العربي، وأحد أبرز شعراء جيل الستينات، فهو "شاعر الفقراء" الذي كتب عنهم ولهم، الذي إنخرط في كتابة الأغنية العامية، التي وجد فيها أقرب طريق للوصول لقلوب محبيه منهم، في وطن كان ولا يزال يعاني من الأمية، فهو شاعر متوهج الموهبة، وأيقونة للإبداع في الوصف بأبسط الكلمات، التي يفهمها عموم الشعب.
ولد سيد حجاب، يوم 23 سبتمبر سنة 1940، في قرية المطرية بمحافظة الدقهلية، في أسرة متوسطة الحال، وكان والده، والذي كان يعمل صيادا بأحد شواطئ بحيرة المنزلة، من محبي الشعر العامي البسيط، ومنه نمى لدى سيد حجاب حب اللعب بالألفاظ وتكوين الجمل الشعرية، ليترك سيد حجاب كل ذلك ويرحل للإسكندرية، للإلتحاق بكلية الهندسة، ثم يتركها ويسافر للمكوث بالقاهرة والإستقرار بها، ليلتقي بأهم الشعراء الذين سبقوه في الشهرة، ومنهم صلاح جاهين، وفؤاد قاعود، وفؤاد حداد، وزميل دربه عبد الرحمن الأبنودي، والذي إلتقاه بإحدي الندوات الثقافية بالقاهرة.
وفي منتصف الستينات، إحتفي المثقفون به لتقديمه أول دواوينه الشعرية "صياد وجنينة"، لينتقل بعدها مجموعة البرامج الإذاعية "بعد التحية والسلام" و"عمار يا مصر" و"الأوركسترا"، وكان البرنامج الأول يقدمه مناوبة مع زميله الشاعر عبد الرحمن الأبنودي، لينفصلا بعد ذلك ويقدم كل منهم برنامج منفرد.
لم يتوقف عطاء سيد حجاب عند هذا الحد، فقد إهتم الشاعر العامي بالوصول لعموم هذا الشعب من خلال كتابته لعدد كبير من الأغاني لعدد من المطربين من بينهم، عفاف راضي، ومحمد منير الذي كتب له أغنية "أه يا بلاد يا غريبة" في أول ألبوم غنائي له، ليكتب بعدها أربعة اغاني في ثاني ألبوم غنائي لمنير.
ألف حجاب أيضا كلمات فوازير شريهان، والتي عشقها الجمهور إلي الآن، كما كتب عددا من أغاني تترات المسلسلات، والتي ساهمت في إرتباط المشاهد بشكل كبير بتلك الأعمال، ومن بينها "ليالي الحلمية"، و"أرابيسك"، و"من الذي لا يحب فاطمة"، و"اللقاء الثاني"، و"المال والبنون"، و"الشهد والدموع"، و"الوسية"، و"بوابة الحلواني".
وفي عام 2005 حصل سيد حجاب علي عدد من الجوائز أهمها جائزة كفافيس الدولية عن مجمل أعماله، كما كرّم في معرض تونس الدولي للكتاب في دورته السادسة والعشرين، بإعتباره أحد أهم رموز الشعر في الوطن العربي، ليستحق وبحق أن يكون "شاعر الفقراء" وحامل همومهم، والمعبر عن تفاصيل حياتهم، وعلامة مميزة في تاريخ شعر العامية..رحم الله عبقري الكلمة سيد حجاب.