لماذا الآن؟ هذا هو السؤال الذى يفرض نفسه لماذا الآن نعيد طرح تساؤلاتنا حول علاقة الدولة بالسينما؟ لماذا الآن نتساءل عن الغياب المتعمد للدولة فى رعاية الفنون؟ لماذا الوعود كلها تذهب هباء وكأنها لم تكن؟ لماذا مع كل حكومة جديدة أو تغييرات وزارية يكون على السينمائيين أن يبدأوا من الصفر وكأن كل الخطوات والاجتماعات التى سبقت لم تكن، وكأن الملفات الموضوعة فى الأدراج المغلقة لم تفتح أبدا فهو تحصيل حاصل أو كما يصف الكاتب الكبير وحيد حامد الوضع "إنه ضجيج بلا طحن".
مئات الأسئلة تفرض نفسها خصوصا فى ظل المشهد المتكرر والذى يؤكد تكراره أن الدولة لا تعنيها الفنون من قريب أو بعيد؟ خصوصا وأن الحكومات المتتالية بكل وزرائها ومن أعلنوا عن حماسهم للوقوف مع السينمائيين، كان كل كلامهم مجرد وعود مرسلة لا حل ولا ربط، ومع التعديلات الأخيرة فى الحكومة يبدو أن الأمل لايزال يراود بعض السينمائيين رغم الملفات المركونة فى الأدراج ملف التصوير فى الشوارع والأماكن العامة والأثرية، ملف الدعم لشباب السينمائيين والعثرات التى تقف فى طريق الشباب الذى يقاوم كل الظروف لعمل سينما مختلفة، الـ50 مليونا التى تقرر ضخها لدعم الصناعة راحت فين؟ وملف تصوير الأفلام الأجنبية فى مصر، وكيفية الاستفادة منها فى إدخال عملة صعبة للبلاد؟ ذات الاقتصاد المنهار، وملف تعديل القوانين المنظمة للصناعة والتراث وأيضا قرصنة الأفلام وسرقتها دون أن يكون هناك رادع أو عقاب، مثلا هم لا يدركون التهديد الذى تحمله قرصنة الأفلام، وهى الأزمة التى تعانى منها صناعة السينما- «التى يعافر أهلها لتظل على قيد الحياة رغم كل المعوقات»- وقرصنة الأفلام بهذا الشكل تعد دليلا قاطعا على إهمال الدولة لصناعة السينما، وسبق أن رفعت غرفة صناعة السينما قضايا وتحدثت إلى مجلس الوزراء بخصوص هذه الأزمة، ولكن دون جدوى.. أما وزارة الثقافة والتى من المفترض أنها معنية بالسينما والفنون فدورها اقتصر على إطلاق المهرجانات هنا وهناك.
إذا كان هذا هو الحال والمشهد المتكرر الذى لم تتغير تفاصيله على مدار أعوام متتالية، وحكومات متعاقبة يكون السؤال حول إنشاء مدينة متكاملة للسينما هو حلم لا يعرف أحد إمكانية تحقيقه رغم الوعود والحديث المرسل عن مشروعات كبرى للنهوض بالسينما.