النتيجة بالطبع محسومة لفريد الأطرش، وإن كانت سعاد حسنى تحض على البهجة أكثر، فالموسيقار الكبير حول كلمات مأمون الشناوى "آدى الربيع عاد من تانى" لسيمفونية خالدة نشدو بها ونستمعها كلما جاء الربيع وهّلت أنوار البدر.
ربما أكون منحازًا للموسيقار الكبير، وهذه حقيقة واعتراف، لكن بعيدًا عن الانحياز والحب، تبقى فرادة الحالة التى صنعها الفريد بهذه الأغنية التى بقيت على القمة لأكثر من 60 عامًا يرددها الأجيال، ومهما تغنى بها أى مطرب غيره يبقى صوت الفريد هو المحرض على الألفة والحب والحنين والشجن.
الموسيقار الراحل أحمد فؤاد حسن قائد الفرقة الماسية يقول عن ربيع الأطرش: "لا أعتقد أنّ مطربًا فى العالم العربى، بل فى العالم كلّه، قد واتته الجرأة على أن يظلّ يغنى على المسارح أغنيّة ما، لمدّة ربع قرن أو يزيد، كما غنى فريد الأطرش الربيع وأول همسة، وكأنه يعرف النتيجة تمامًا فى كل مرة.. وكان أصدقاء فريد يشفقون عليه، وعلى نتيجة هذه الجرأة الفائقة فى كلّ مرّة ينوى فيها غناء إحداهما، ولكن ما يحدث من استقبال الجماهير لهما وتفاعله معهما دائماً كان شيئاً مذهلاً، بل هو ظاهرة فنية تدعو للدّراسة والتحليل.. هل هى الألحان.. هل هو الصوت.. هل هو ارتباط كلّ لحن منهما بذكريات معيّنة لكلّ فرد من هذا الجمهور العريض؟".
غنى كثيرون للربيع.. لكن يبقى فريد الأطرش على قمته بأغنيته التى شدا بها صدفة بعد أن رفضتها أم كلثوم، حتى السندريلا سعاد حسنى عندما غنت رائعتها "الدنيا الربيع" كلمات صلاح جاهين، نغمات كمال الطويل، ونجحت نجاحًا غير عادي وما زالت ناجحة، لم تستطع اقتناص القمة من ربيع فريد الأطرش، رغم حالة البهجة والحب والسعادة التى خلقتها الأغنية.
لكن ماذا لو تغنى أحد غير سعاد حسنى بـ"الدنيا ربيع" هل كانت ستنجح؟.. بالطبع لا.. ولن تحقق ربع النجاح الذى حققته السندريلا.. الجمهور على استعداد أن يتقبل كل شىء وأى شىء من سعاد حسنى دون غيرها، ولو غنتها كوكب الشرق أم كلثوم _بعظمتها_ ورقصت عليها وأخرجها العبقرى حسن الإمام لن تنجح نصف نجاح سعاد حسنى.. ومع كل ذلك يبقى الربيع مسجلاً باسم فريد الأطرش وعند كتابة كلمة "الربيع" على محرك البحث "جوجل" أو موقع "يوتيوب" سيظهر فى أول عملية بجوار كلمة "الربيع" اسم فريد الأطرش، وسيظل، وكلما جاء الربيع نردد: "وآدى الربيع عاد من تانى".